دراسات في التصوف
الناشر
دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
تصانيف
الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ (١).
أو تحت قول رسول الله ﷺ:
(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ّ) (٢).
فالحاصل من الحكايات والأدعاءات التي سردناها آنفا أن الصوفية يريدون أن يثبتوا منها أن مشائخهم وأوليائهم ورؤسائهم كانوا قد وقفوا أنفسهم، ونذروا حياتهم للتعبد والتطوع ولم يكونوا يشتغلون بشيء من أمور الدنيا بل كان كل همهم الصيام والقيام، والذكر والسهر، والتسبيح والتهليل، والمجاهدات والرياضات، وأنها لرغبة عن سنة الرسول ﷺ، وأعراض عن أسوته وقدوته وأتباع سيرته كما روى ذلك عن أبي بردة أنه قال:
(دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي ﷺ فرأيتها سيئة الهيئة فقلن لها: مالك؟ فما في قريش رجل أغنى من بعلك، قالت: ما لنا منه شيء، أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم فدخلن إلى النبي ﷺ فذكرن ذلك له فلقيه فقال:
يا عثمان، أما لك بي أسوة؟
فقال: بأبي وأمي أنت وما ذاك؟
قال: تصوم النهار وتقوم الليل، قال: إني لأفعل، قال: لا تفعل، إن لعينك عليك حقا، وإن لجسدك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فصل ونم، وصم وأفطر) (٣).
وعن أبي قلابة بلغ به ﷺ أن ناسا من أصحابه أحتموا النساء واللحم اجتمعوا، فذكرنا ترك النساء واللحم فأوعد فيه وعدًا شديدًا، وقال: (لو كنت تقدمت فيه لفعلت)، ثم قال: (إني لم أرسل بالرهبانية، إن خير الدين الحنيفية السمحة) (٤).
_________
(١) سورة الشورى الآية ٢١.
(٢) متفق عليه.
(٣) رواه البخاري.
(٤) رواه الدارمي.
1 / 55