سير السلف الصالحين
محقق
د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد
الناشر
دار الراية للنشر والتوزيع
مكان النشر
الرياض
وَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ يَمْشِي مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ عِنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ، غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ بَرَكَتْ رَاحِلَتُهُ: «هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ» ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْغُلَامَيْنِ يَتَسَاوَمُهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا.
فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا حَتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْقِلُ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بُنْيَانِهِ وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ:
هَذَا الْجَمَالُ لَا جَمَالُ خَيْبَرَ ... هَذَا أَبَرُّ ربَّنَا وَأَطْهَرُ
اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَةْ ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَاقَتَهُ وَأَرْخَى لَهَا الزِّمَامَ، فَجَعَلَتْ لَا تَمُرُّ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا دَعَاهُ أَهْلُهَا إِلَى النُّزُولِ عِنْدَهُمْ،
1 / 65