صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
الناشر
المطبعة السلفية
الإصدار
الثالثة
مكان النشر
ومكتبتها
تصانيف
العقائد والملل
قد بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جازى نبيًا عن أمته، ورفع درجتك العليا، وتقبل شفاعتك الكبرى، وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولى، كما تقبل من إبراهيم. اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه، واسقنا بكأسه شربًا رويًا لا نظمأ بعده أبدًا. اه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي ﷺ ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي ﷺ وعلى صاحبيه.
واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي ﷺ لا يستقبل قبره، وتنازعوا عند السلام عليه فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه، وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وأظنه منصوصًا عنه، وقال أبو حنيفة: بل يستقبل القبلة، ويسلم عليه، هكذا في كتب أصحابه، وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في (المبسوط) والقاضي عياض وغيرهم: لا أرى أن يقف عند قبر النبي ﷺ يدعو، ولكن يسلم ويمضي.
وقال أيضًا١ في (المبسوط): لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي ويدعو له ولأبي بكر وعمر، فقيل له: فإن ناسًا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة٢، فقال: لم يبلغني
١ يعني الإمام مالك.
٢ أي قيل للإمام مالك: إن بعض أهل المدينة المقيمين فيها يقفون عند قبره ﷺ فيسلمون ويدعون من غير أن يكونوا يريدون السفر أو يكونوا قادمين منه، فقال مالك: إنه لم يبلغه عن أحد من العلماء من التابعين وغيرهم أنه فعل ذلك أو رواه عن الصحابة، فعلم من هذه الرواية أن الوقوف عند قبره ﷺ للسلام والدعاء قد حدث في عصر الإمام مالك من بعض العوام المقيمين في المدينة، وأنهم لقلتهم لم يرهم هو مع كثرة ملازمته لمسجده ﷺ، ولعلهم لم يكونوا يفعلونه أمامه لعلمهم بأنه ينكره عليهم، بل هو قد أنكر على عبد الرحمن بن مهدي وهو من أقرانه عندما ووضع رداءه في المسجد وصلى عليه، واحتج عليه بقوله ﷺ: "من أحدث فيه حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله، الخ الحديث. وهكذا تحدث البدع بفعل الجاهلين، وسكوت العالمين، حتى تحل محل السنن بل تنسخها. وكتبه محمد رشيد رضا.
1 / 254