صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
الناشر
المطبعة السلفية
رقم الإصدار
الثالثة
مكان النشر
ومكتبتها
تصانيف
العقائد والملل
الاختلاف والالتباس: (فمنها) الاستغاثة بالغين المعجمة والمثلثة، (ومنها) الاستعانة بالعين المهملة والنون، (ومنها) التشفع، (ومنها) التوسل، فأما الاستغاثة بالمعجمة والمثلثة فهي طلب الغوث وهو إزالة الشدة، كالاستنصار وهو طلب النصر، ولا خلاف أنه يجوز أن يستغاث بالمخلوق فيما يقدر على الغوث فيه من الأمور، ولا يحتاج مثل ذلك إلى استدلال فهو في غاية الوضوح، وما أظنه يوجد فيه خلاف، ومنه: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ . وكما قال: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ . وكما قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ .
"وأما ما لا يقدر عليه إلا الله فلا يستغاث فيه إلا به كغفران الذنوب، والهداية، وإنزال المطر والرزق، ونحو ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ . وقال: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ . وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ . وعلىهذا يحمل ما أخرجه الطبراني في معجمه الكبير أنه كان في زمن النبي ﷺ منافق يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر ﵁: قوموا بنا نستغيث برسول الله ﷺ من هذا المنافق، فقال ﷺ: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله". فمراده ﷺ أنه لا يستغاث به فيما لا يقدر عليه إلا الله.
"وأما ما يقدر عليه المخلوق فلا مانع من ذلك، مثل أن يستغيث المخلوق بالمخلوق ليعينه على حمل حجر، أو يحول بينه وبين عدوه الكافر، أو يدفع عنه سبعًا صائلًا أو لصًا أو نحو ذلك".
" وقد ذكر أهل العلم أنه يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله سبحانه، وأن كل غوث من عنده، وإذا حصل شيء من ذلك على يد غيره فالحقيقة له سبحانه ولغيره مجاز، ومن أسمائه المغيث والغياث.
قال أبو عبد الله الحليمي: الغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال: يا غياث المستغيثين، ومعناه المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلصهم، وفي خبر الاستسقاء في الصحيحين: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". إغاثة وغياثة وغوثًا، وهو في معنى المجيب
1 / 153