قال أبو حاتم في قوله ﷺ: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، كالدليل على استحباب حفظ تاريخ المحدثين، الوقوف على معرفة الثقات منهم من الضعفاء، إذ لا يتهيأ للمرء أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى من بعده، وأنه إذا أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله ﷺ فكأنه لم يؤد عنه ﷺ شيئا، ولا سبب له إلى معرفة صحة الأخبار وسقيمها إلا بمعرفة تاريخ من ذكر اسمه من المحدثين. وكتابا أبين فيه الضعفاء والمتروكين «١»، وأبدأ منهما بالثقات. فنذكر «٢» ما كانوا عليه في الحالات، فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى ﷺ ومولده ومبعثه، وهجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته، ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين بأيامهم «٣» إلى أن قتل علي رحمة الله عليه، ثم نذكر صحب رسول الله ﷺ واحدا واحدا على المعجم، إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله ﷺ، ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا «٤» أصحاب رسول الله ﷺ في الأقاليم كلها على المعجم، إذ هم خير الناس بعد الصحابة قرنا، ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين، فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الأوليين «٥»، ثم نذكر القرن الرابع الذين هم أتباع التابعين على سبيل من قبلهم «٦»، وهذا القرن ينتهي إلى زماننا هذا.
ولا أذكر في هذا الكتاب الأول إلا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم «٧»، وأقنع بهذين الكتابين المختصرين عن كتاب «التاريخ الكبير» الذي
_________
(١) في الأصلين «المتركين» خطأ.
(٢) وقع في الأصلين «فذكر» خطأ.
(٣) التصحيح من م، ووقع في ف وس «بآبائهم» .
(٤) التصحيح من م، وفي س وف «هو هو» مصحفا.
(٥) وقع في ف وس «الأولتين» خطأ.
(٦) وقع في الأصلين «قباهم» خطأ.
(٧) في م «بأخبارهم» .
1 / 29