أمره، فكل ما بيّن رسول الله ﷺ فيما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنّه ووجب علينا اتباعه، وفي العنود عن اتباعه معصية، إذ لا حكم بين الله وبين خلقه إلا الذي وصفه الله جل وعلا موضع الإبانة لخلقه عنه.
فالواجب على كل من انتحل العلم أو نسب إليه حفظ سنن المصطفى ﷺ والتفقه فيها، ولا حيلة لأحد في السبيل إلى حفظها إلا بمعرفة «١» تاريخ المحدثين، ومعرفة الضعفاء منهم من الثقات، لأنه متى لم يعرف ذاك لم يحسن تمييز الصحيح من السقيم، ولا عرف المسند من المرسل، ولا الموقوف من المنقطع، فإذا وقف على أسمائهم وأنسابهم وعرف- أعني بعضهم بعضا- وميز العدول من الضعفاء، وجب عليه حينئذ التفقه فيها، والعمل بها، ثم إصلاح النية في نشرها إلى من بعده رجاء استكمال الثواب «٢» في العقبى بفعله ذلك، إذ العلم من أفضل ما يخلف المرء بعده، نسأل الله الفوز على ما يقربنا إليه ويزلفنا لديه.
ذكر الحث على نشر العلم
إذ هو من خير ما يخلف المرء بعده.
أخبرنا الفضل «٣» بن الحباب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة «٤» أن النبي ﷺ قال: «إذا مات
_________
(١) وقال صاحب كشف الظنون ١/ ٥٢١ أن «علم الثقات والضعفاء» وهو من أجل نوع وأفخمه من أنواع علم الأسماء والرجال فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه، وإلى الاحتياط في أمور الدين وتمييز مواقع الغلط في بدء الأصل الأعظم الذي عليه مبنى الإسلام وأساس الشريعة، وللحفاظ فيه تصانيف كثيرة منها ما أفرد في الثقات ككتاب الثقات للإمام الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي المتوفى سنة ٣٥٤» .
(٢) كذا، وهو الصواب، وفي ف «الصواب» مصحفا.
(٣) وله ترجمة في تذكرة الحفاظ ٢/ ٦٧٠ وفيه: الإمام الثقة محدث البصرة الفضل بن الحباب الجمحي البصري، مات في جمادى الأول سنة خمس وثلاثمائة.
(٤) وروى ابن ماجه ص ٢٢ «عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ إن مما يلحق المؤمن من عمله
1 / 27