الطبيعيات من كتاب الشفاء

ابن سينا ت. 428 هجري
155

الطبيعيات من كتاب الشفاء

تصانيف

بعينه الشيء الذي هو ، لذاته يقبل إضافة قبل وبعد ، بل هو بنفسه منقسم إلى قبل وبعد. ولست (1) أعنى بهذا أن الزمان يكون قبل لا بالإضافة بل أعنى أن الزمان لذاته تلزمه هذه الإضافة وتلزم سائر الأشياء بسبب الزمان ، فإن الشيء إذا قيل له قبل وكان ذلك الشيء غير الزمان ، فكان (2) مثل الحركة والإنسان وغير ذلك ، كان معناه أنه موجود مع شيء هو بحال (3)، تلك الحال يلزمها إذا قيست إلى حال الآخر إن كان الشيء بها قبل لذاته ، أى (4) يكون هذا للزوم له لذاته ، فالمتقدم تقدمه (5) أنه له وجود مع عدم شيء آخر لم يكن موجودا وهو موجود فهو متقدم عليه إذا اعتبر عدمه ، وهو معه إذا اعتبر وجوده فقط ، وفى حال ما هو معه فليس متقدما (6) عليه وذاته حاصل فى الحالين (7) وليس حال ما هو له (8) متقدم هو حال ما هو مع ، فقد يبطل منه لا محالة أمر كان له من التقدم عند ما هو مع. فالتقدم والقبلية معنى لهذا الذات ، ليس لذاته ولا ثابت (9) مع ثبات ذاته. وذلك المعنى مستحيل فيه أن يبقى مع الحالة الأخرى البتة (10) استحالة لذاته ، ويستحيل فيه أن يصير مع. ومعلوم أن هذا الوجود لا يثبت له (11) عند وجود الآخر (12) (13)، وأما الشيء الذي له هذا المعنى والأمر فلا يستحيل ذلك فيه ، فإنه تارة يوجد وهو قبل ، وتارة يوجد وهو معا (14)، وتارة يوجد وهو بعد ، وهو واحد بعينه. وأما نفس الشيء الذي هو قبل وبعد لذاته وإن (15) كان بالقياس (16) فلا يجوز أن يبقى هو بعينه ، فيكون بعد ، بعد (17) ما كان قبل ، فإنه ما جاء المعنى الذي به الشيء بعد إلا بطل ما هو به (18) قبل ، والشيء ذو هذا الأمر (19) هو (20) باق مع بطلان الأمر (21) القبل. وهذا الأمر لا يجوز أن تكون نسبته إلى عدم فقط أو إلى وجود فقط ، فإن نسبة وجود الشيء إلى عدم الشيء (22) قد يكون تأخرا كما يكون تقدما ، وكذلك فى جانب الوجود ، بل هو نسبة إلى عدم مقارن أمرا (23) آخر ، إذا قارنه كان تقدما (24)، وإن (25) قارن غيره كأن تأخرا. والعدم فى الحالين عدم وكذلك الوجود ، وكذلك نظيره يقارن المنسوب ، لأن المنسوب أيضا منسوب (26) إليه بالعكس (27)، وله ذلك (28) الحكم. وهذا الأمر هو زمان ، أو نسبة إلى زمان ، فإن كان (29) زمانا فذلك ما نقوله ، وإن كان نسبة (30) إلى الزمان (31) فتكون قبليتها (32) لأجل الزمان

صفحة ١٥٨