الطبيعيات من كتاب الشفاء

ابن سينا ت. 428 هجري
136

الطبيعيات من كتاب الشفاء

تصانيف

فيخيل أنه مساو له بالحقيقة وليس كذلك ، بل مساو لنهايته بالحقيقة ، وهو مخصوص به بالحقيقة. إذ لا يجوز أن يكون فى باطن النهاية لحاوية جسم غير الجسم الذي يساوى نهايته الظاهرة تلك (1) النهاية. وإذا لم يكن ما قيل (2) من مطابقة (3) المكان ومساواته للمتمكن واجبا تسليمه ولا أوليا بينا (4) بنفسه لا يحتاج (5) أن يدل عليه لم يكن التشكيك (6) لازما ،

وأما التشكيك (7) الثالث ، فإنما كان يلزم لو قلنا : إن كل انتقال كيف كان ، بالذات أو بالعرض ، يوجب أن بثبت المكان. ونحن لا نقول ذلك ، بل نقول إن انتقال الشيء بالذات ، وهو أن يفارق كل ما يحصره (8) ويحيط به مفارقة عن ذاته لا بسبب ملزوم ، هو (9) مفارق بذاته ، وهو (10) الذي يجب أن يكون مثبتا (11) للمكان. وأما السطح والخط والنقطة فإنها تلزم ما هى معه من الجسم ولا تفارقه البتة. لكن الجسم قد يفارق كل ما معه وعنده ، وكل ما (12) يطيف به فيلزم أن يكون الخط قد فارق خطا ، والسطح سطحا ، فلو كان الخط والسطح والنقطة مما يجوز أن تفارق بذاتها وتتحرك بنفسها (13) لكان الحكم ما قيل. وأما قولهم : إن النقطة عدم فقيه نظر وموضعه الخاص به غير هذا الموضع ولا نعلق له بحل (14) الشك ، فقد (15) ينحل دونه.

وأما التشكيك (16) الرابع فإنما كان يلزم لو كان صحيحا أن كل ما لا بد منه فهو علة. وليس (17) كذلك ، فإنه لا بد أيضا للعلة من المعلول ومن لوازم المعلول وليس عللا ، كما لا بد للمعلول من العلة ومن لوازم العلة التي ليست بعلل ، وليس شيء منها بعلة للعلة ، بل العلة هى التي لا بد منها ، وهو لذاته لا لغيره (18) أقدم فالمكان (19) من الأمور التي لا بد منها (20) للحركة ، وليس أقدم من الحركة بالعلية ، بل عساه أن يكون أقدم منه بالطبع ، حتى أنه إن كانت نقلة كان مكان ، وليس إذا كان مكان كانت (21) نقلة لكن هذا التقدم غير تقدم العلية ، بل يجب أن يكون الشيء مع وجود هذا مفيدا لوجود المعلول ، حتى يكون علة ، وهذا إنما يتحقق لك فى صناعة أخرى فيجوز أن يكون المكان أمرا أعم من الحركة (22)، لازما للحركة ، وليس بعلة وأيضا فإن كون الحركة موجودة فى المتحرك ، مما لا يمنع أن يكون المكان أيضا علة عنصرية لها (23)، فكثير من الأمور يتعلق بموضوعين عند كثير من الناس ، والحركة مفارقة ما ،

صفحة ١٣٩