المفروض متحركا إليه بحركته الطبيعية (1) إلى الحيز (2) الأول الذي كان فيه ذلك الجسم من الخلاء ، أو يتحرك نحو الحيز (3) الآخر الذي صار إليه ، ولا يجوز أن يتحرك إلى الحيز الأول ، وإلا (4) فحركته إلى ذلك الحيز هى الحركة الطبيعية والتي (5) بالذات. وأما (6) إلى ذلك الجسم الذي كان فيه ، فقد كانت بالعرض ، ولا يجوز أن (7) تتحرك بالطبع إلى الحيز (8) الآخر ، لأن الجسم المتحرك إن لم يشعر بوجه من الوجوه بانتقال ذلك الجسم عن حيز إلى حيز ، كيف يتأتى أن يترك جهة كانت مقصودة بحركته لأن ذلك الجسم فيها ، ويقصد جهة أخرى من تلقاء طباعه (9) إلا أن يكون ذلك الجسم يبعث إليها (10) أثرا أو قوة ، وذلك (11) الأثر وتلك القوة تكون مبدأ (12) لانبعاث حركة الجسم المتحرك بالطبع إليه كحال ما بين المغناطيس والحديد ، فحينئذ تكون الحركة قسرية لا طبيعية ، وإن شعر ، فقد حصل هناك إدراك وحصلت الحركة إرادية لا طبيعية. وهذا كله باطل.
على أن الكلام (13) فى انتقال ذلك الجسم بالطبع أو بغير الطبع يرجع إلى ما نحن نسرده ونقوله. وإن (14) كان المتوجه إليه لا يتجزأ من حيث يصار إليه بوجه من الوجوه وله وضع ، فهو إما نقطة وإما خط وإما سطح (15)، فلا يخلو بعد ذلك (16) إما أن تكون الجهات كلها متشابهة فى أنها نقط (17) أو خطوط أو سطوح أو تكون جهة نقطة وجهة (18) خطا وجهة سطحا. فإن كانت الجهات كلها نقطا أو خطوطا أو سطوحا ، والنقط والخطوط والسطوح (19) لا تختلف إلا بعوارض تعرض لها ، إما بما يختص بها من حيث هى كذلك ، وإما غريبة عنها ، وجميع ذلك يلزمها من جهة الأشياء المختلفة الأشكال (20) والطبائع التي هى نهايات لها ، والخلاء ليس كذلك ، فإذن لا يجوز أن يكون منه (21) اختلاف جهات على هذه الصفة بالنوع وإن كان ليس كذلك ، بل (22) جهة نقطة وجهة أخرى سطح أو خط ، أو على وجه آخر مما تحتمله القسمة. فكيف يمكن أن يكون فى الخلاء فى موضع نقطة بالفعل فقط ، وفى موضع (23) خط بالفعل فقط ، أو سطح بالفعل (24)، أو وجه آخر. والخلاء (25) واحد متصل لا انقطاع فيه لأنه لا مادة له فيقبل لأجلها هذه الأحوال ، ووضعنا (26) أن ذلك ليس بسبب جسم لما بان من البيان. فالخلأ (27) ليس فيه اختلاف
صفحة ١٢٩