فأحد هذين هو العلم الفكرى الذى إنما يستكمل به تمام الاستكمال إذا ترتب وتركب والثانى هو العلم البسيط الذى ليس من شأنه أن يكون له فى نفسه صورة بعد صورة ولكن هو واحد عنه تفيض الصور فى قابل الصور، فذلك علم فاعل للشىء الذى نسميه علما فكريا ومبدأ له، وذلك هو للقوة العقلية المطلقة من النفس المشاكلة للعقول الفعالة، وأما التفصيل فهو للنفس من حيث هى نفس، فما لم يكن له ذلك لم يكن له علم نفسانى، وأما أنه كيف يكون للنفس الناطقة مبدأ غير النفس له علم غير علم النفس فهو موضع نظر يجب عليك أن تعرفه من نفسك، واعلم أنه ليس فى العقل المحض منهما تكثر البتة ولا ترتيب صورة فصورة بل هو مبدأ لكل صورة تفيض عنه على النفس، وعلى هذا ينبغى أن تعتقد الحال فى المفارقات المحضة فى عقلها الأشياء، فإن عقلها هو العقل الفعال للصور الخلاق لها لا الذى يكون للصور أو فى صور النفس، فالنفس التى للعالم من حيث هى نفس فإن تصورها هو التصور المرتب المفصل، فلذلك ليست بسيطة من كل وجه، وكل إدراك عقلى فإنه نسبة ما إلى صورة مفارقة للمادة ولأعراضها المادية على النحو المذكور، فللنفس ذلك بأنها جوهر قابل منطبع به، وللعقل بأنه جوهر مبدأ فاعل خلاق، فما يخص ذاته من مبدئيته لها هو عقليته بالفعل، وما يخص النفس من تصورها بها وقبولها لها هو عقليتها بالفعل،
صفحة ٢٤٤