بسم الله الرحمن الرحيم
صفحة ٢٦٧
/ / الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد النبي [ $ ] وعلى آله وسلم | [ يقول ] عمر بن إبراهيم - عفا الله عنه - أخبرنا الفقيه الإمام أبو الحسن | | أحمد بن مقبل ، أيده الله وسدده ، قال : [ أخبرنا ] الفقيه الإمام أبو | الحسن أحمد بن عبد الله بن مسعود البريهي ، رحمه الله ، قال : أخبرني | الفقيه الحافظ أبو الحسن علي بن أبي بكر بن حمير بن التبع بن فضيل ، | قال : أخبرنا الشيخ الفقيه أسعد بن خير بن يحيى بن عيسى بن | ملامس ، رضي الله عنه ، عن أبيه خير بن يحيى ، قال : حدثنا أبو بكر | أحمد بن محمد البزار المكي ، عن محمد بن الحسين الآجري ، رحمه الله | | قال محمد بن الحسين الآجري ، رحمه الله :
صفحة ٢٦٨
أحق ما ابتدأت به الكلام : الحمد لله ؛ مولانا الكريم ، وأجل الحمد ما | حمد به الكريم نفسه ، فأنا أحمده به : | ^ ( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * ملك يوم الدين ) ^ و | ^ ( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة | وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل | من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ) ^ و ^ ( الحمد لله الذي | خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم | يعدلون ) ^ ، ^ ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك | في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) ^ ،
صفحة ٢٦٩
أحمده شكرا لما تفضل به علينا من نعمة الدائمة ، وأياديه | | القديمة ، حمد من يعلم أن مولاة الكريم يحب الحمد ، فله الحمد على | كل حال .
وصلى الله على البشير النذير ، والسراج المنير ، سيد ولد آدم ، عليه | السلام ، المذكور نعته في التوراة والإنجيل ، الخاتم لجميع الانبياء ، ذلك | محمد ، [ $ ] وآله الطيبين ، وعلى أصحابه المنتخبين ، | وعلى أزواجه أمهات المؤمنين .
ورزقنا وإياكم التمسك بطاعته ، وبطاعة رسوله [ $ ] ، وبما كان | عليه صحابته والتابعون له بإحسان ، وبما كان عليه الأئمة من علماء | المسلمين ، وعصمنا وإياكم من الأهواء المضلة . إنه سميع قريب . |
صفحة ٢٧٠
1 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا قتيبة بن | | سعيد ، [ قال : حدثنا سعيد ] بن عبد الجبار الحمصي قال : حدثنا | | [ معان ] بن رفاعة السلامي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن | العذري ، أن النبي [ $ ] قال : / / ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ، | ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) . |
صفحة ٢٧٢
2 - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، | | قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، قال حدثنا حماد بن زيد ، عن بقية بن | الوليد ، عن [ معان ] بن رفاعة ، عن إبراهيم بن عب الرحمن العذري ، قال : | قال رسول الله [ $ ] : ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه | تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ) . |
صفحة ٢٧٣
3 - أخبرنا محمد بن بكير ، عن بن سليمان ، عن عبد الصمد | ابن معقل ، عن وهب بن منبه ، قال : ( الفقيه : العفيف الزاهد | | المتمسك / / [ بالسنة ] . أولئك أتباع الأنبياء في كل زمان ) .
قال محمد بن الحسين / :
جعلنا الله وإياكم ممن تحيا بهم السنن ، وتموت بهم البدع ، | وتقوى بهم قلوب أهل الحق ، وتنقمع بهم [ نفوس ] أهل الأهواء بمنه | وكرمه . |
صفحة ٢٧٤
1 - باب
ذكر الأمر بلزوم الجماعة ، والنهي عن [ الفرقة ] بل | الاتباع ، وترك الابتداع
قال محمد بن الحسين ، رحمه الله :
إن الله عز وجل ، بمنه وفضله ، [ أخبرنا ] في كتابه عمن تقدم من أهل | الكتابين - اليهود والنصارى - أنهم إنما / هلكوا لما أفترقوا [ في دينهم ، | وأعلمنا ] مولانا الكريم أن الذي حملهم على الفرقة عن الجماعة ، والميل | إلى الباطل ، الذي نهوا [ عنه ، إنما هو البغي ، و ] الحسد ، بعد أن قد | علموا ما لم يعلم غيرهم ، فحملهم شدة البغي [ والحسد إلى أن صاروا ] | فرقا ، فهلكوا ، / / فحذرنا مولانا الكريم أن نكون مثلهم ، فنهلك كما | | [ هلكوا ] .
صفحة ٢٧٥
بل أمرنا عز وجل بلزوم الجماعة ، ونهانا عن الفرقة ، وكذلك حذرنا | النبي ، [ $ ] الفرقة ، وأمرنا بالجماعة ، وكذلك حذرنا أئمتنا ممن سلف من علماء | المسلمين / كلهم يأمرون بلزوم الجماعة ، وينهون عن الفرقة .
فإن قال قائل : فاذكر لنا ذلك لنحذر ما تقوله ، والله الموفق لنا إلى سبيل | الرشاد .
قيل له : سأذكر من ذلك ما حضرني ذكره ، مبلغ علمي الذي علمني الله | عز وجل ، نصيحة لإخواتي من أهل القرآن ، وأهل الحديث ، وأهل الفقه ، | وغيرهم من سائر المسلمين ، والله الموفق [ لما قصدت والمعين ] عليه ، إن | شاء الله .
قال الله تعالى في سورة البقرة : ^ ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله | النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما | اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات | بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله | يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ^
صفحة ٢٧٦
وقال تعالى : ^ ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم | الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح | | القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ، | ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ، | ولكن الله يفعل ما يريد ) ^
وقال تعالى في سورة آل عمران : ^ ( إن الدين عند الله الإسلام وما | اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن | يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ) ^ .
وقال تعالى في سورة الأنعام : ^ ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا | لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا | يفعلون ) ^ .
وقال تعالى في سورة يونس : ^ ( ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ، | ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم | يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) ^
وقال تعالى في سور حم عسق : ^ ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم | العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم | وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ) ^ . |
صفحة ٢٧٧
وقال تعالى في سورة لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب قوله | تعالى : ^ ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة * | وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا | الزكاة وذلك دين القيمة ) ^ .
قال محمد بن الحسين رحمه الله :
فأعلمنا مولانا الكريم انهم أتوا علما ، فبغى بعضهم على بعض ، | وحسد بعضهم بعضا ، حتى أخرجهم ذلك إلى أن تفرقوا ، فهلكوا .
فإن قال قائل : فأين المواضع من القرآن التي فيها نهانا الله تعالى أن | نكون مثلهم ، حتى نحذر ما حذرنا مولانا في الفرقة ، بل نلزم الجماعة ؟
قيل له : قال الله تعالى / في سورة آل عمران : ^ ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله | حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ، | ولا تفرقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم | . . . ) ^ إلى قوله تعالى : ^ ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما | جاءهم البينات ، وأولئك لهم عذاب عظيم ) ^ |
صفحة ٢٧٨
وقال تعالى في سورة الأنعام : ^ ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه | ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم | تتقون ) ^ . | وقال تعالى في سورة حم عسق : ^ ( شرع لكم من الدين ما وصى | به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن | أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ، الله | يجتبي إليه من يشاء ، ويهدي إليه من ينيب ) ^ | وقال تعالى في سورة الروم / : ^ ( . . . منيبين إليه واتقوه ، وأقيموا | الصلاة ، ولا تكونوا من المشركين ، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ، | كل حزب بما لديهم فرحون ) ^ .
قال محمد / بن الحسين رحمه الله :
فهل يكون البيان أشفى من هذا عند من عقل عن الله تعالى ، | وتدبر ما به حذره مولاه الكريم من الفرقة . |
صفحة ٢٧٩
ثم علموا رحمنا الله وإياكم ، أن الله تعالى قد أعلمنا وإياكم في | كتابه أنه لا بد من أن يكون الاختلاف بين خلقه ؛ ليضل من يشاء ، ويهدي من | يشاء ، جعل ذلك / عز وجل موعظة يتذكر بها المؤمنون ؛ فيحذرون الفرقة ، | ويلزمون الجماعة ، ويدعون المراء والخصومات في الدين ويتبعون ولا | يبتدعون .
فإن قال قائل :
أين هذا من كتاب الله تعالى ؟
قيل له : قال الله تعالى في سورة هود : ^ ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة | واحدة ، ولا يزالون مختلفين . إلا من رحم ربك ، ولذلك خلقهم وتمت | كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ، وكلا نقص عليك من | أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى | للمؤمنين ) ^ ,
ثم إن الله تعالى نبيه [
] أن يتبع ما أنزل إليه ، ولا يتبع أهواء من تقدم | من الأمم فيما
اختلفوا فيه ، ففعل [
صفحة ٢٨٠
] وحذر أمته الاختلاف والإعجاب | واتباع الهوا ، قال الله تعالى في سورة حم الجاثية : ^ ( ولقد آتينا بني إسرائيل | | الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين ، | وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم | إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون * ثم جعلناك على | شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك | من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) ^ . [ ثم ] | قال الله تعالى : ^ ( هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ) ^ . |
صفحة ٢٨١
4 - حدثنا أبو بكر عمر بن سعيد القراطيسي ، قال : حدثنا | | أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا / أبو صالح عبد الله بن صالح قال : | حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قول الله | تعالى : ^ ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا . . ) ^ وقوله : ^ ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ) ^ ، وقوله : ^ ( فتقطعوا أمرهم بينهم
صفحة ٢٨٢
| . . . ) ^ وقوله : ^ ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله | يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم . . . ) ^ وقوله : ^ ( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا | فيه ) ^ الآية .
قال ابن عباس : ( أمر الله المؤمنين بالجماعة ، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة ، | وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله تعالى ) .
قال محمد بن الحسين :
هذا ما حضرني ذكره مما أمر الله تعالى به أمة محمد [ $ ] أن يلزموا | الجماعة ، ويحذروا الفرقة .
فإن قال قائل :
فاذكر من سنن رسول الله [ $ ] أنه حذر أمته ذلك .
قيل له :
نعم . واجب عليك أن تسمعه ، وتحذر الفرقة ، وتلزم الجماعة ، ونستعين | بالله العظيم على ذلك . / | |
صفحة ٢٨٣
3 - باب
ذكر أمر النبي [ $ ] أمته الجماعة وتحذيره إياهم الفرقة |
5 - حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي ، قال : حدثنا سعيد بن | يحيى الأموي ، قال : حدثنا أبو بكر ابن عياش ، عن عاصم ، عن زر ، عن عمر بن | الخطاب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله [ $ ] : ( من أراد بحبوحة الجنة | فليلزم الجماعة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد ) . | |
صفحة ٢٨٤
6 - حدثنا أبو محمد بن يحيى بن صاعد ، قال : حدثنا | سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا أبو بكر ابن عياش ، عن عاصم ، عن | زر ، قال : خطب عمر بن الخطاب / رضي الله عنه بالشام فقال : قام فينا رسول | | الله [ $ ] مثل قيامي فيكم ، فقال : ( من أراد بحبوحة الجنة فليلزم | الجماعة . فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الإثنين أبعد ) . |
7 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا هدبة | بن خالد ، قال : حدثنا ابان بن يزيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير أن زيدا | حدثه ، أن أبا سلام حدثه ، أن الحارث الأشعري حدثه أن رسول الله [
] قال : | ( إن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ،
ويأمر بني | إسرائيل يعملون بهن ) ، وذكر الحديث بطوله وقال رسول الله [
صفحة ٢٨٦
] : ( وأنا | آمركم بخمس أمرني الله تعالى بهن ؛ الجماعة ، والسمع والطاعة ، / | والهجرة ، والجهاد في بسبيل الله ، فمن فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة | الإسلام من رأسه ، إلا أن يراجع ) . / | | 8 - وحدثنا الفريابي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : | حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا أيوب ، عن غيلان بن جرير ، عن زياد بن | رباح القيسي ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله [ $ ] : ( من خرج من | | الطاعة ، وفارق الجماعة ، ومات فميتته جاهلية ) . / |
صفحة ٢٨٧
9 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني ، قال : حدثنا | محمد بن بشار ، ومحمد بن بن المثنى ، أن محمد بن جعفر حدثهم / عن شعبة | عن غيلان بن جرير ، عن زياد بن رباح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله | | [ $ ] : ( من فارق الجماعة ، وخالف الطاعة مات ميتة جاهلية ، ومن اعترض | أمتي ، برها وفاجرها ، ولا يحتشم من مؤمنها ، ولا يفي لذي عهدها | فليس من أمتي ، ومن قتل تحت راية عمية يعصب للعصبية ، ويقاتل | للعصبية ، ويدعو للعصبة له - أو قال : لعصبية - مات ميتة جاهلية ) | لفظ حديث أبي موسى . | |
صفحة ٢٨٩