بعض أعراضه الذاتية علما وعن البعض الآخر علما آخر فيكونان علمين متشاركين في الموضوع متمايزين في المحمول. وأما الوقوع فلأنهم جعلوا أجسام العالم وهي البسائط موضوع علم الهيئة من حيث الشكل وموضوع علم السماء والعالم من حيث الطبيعية والحيثية فيهما بيان الأعراض كونها مثبتة للحكم كالبحث عن الاجتهاد ونحوه. واعلم أن العوارض الذاتية للأدلة ثلاثة أقسام منها العوارض الذاتية المبحوث عنها وهي كونها مثبتة للأحكام ومنها ما ليست بمبحوث عنها لكن لها مدخل في لحوق ما هي مبحوث عنها ككونها عامة أو مشتركة أو خبر واحد وأمثال ذلك ومنها ما ليس كذلك ككونه ثلاثيا أو رباعيا قديما أو حادثا أو غيرها فالقسم الأول يقع محمولات في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والقسم الثاني يقع أوصافا وقيودا لموضوع تلك القضايا كقولنا الخبر الذي يرويه واحد يوجب غلبة الظن بالحكم، وقد يقع موضوعا لتلك القضايا كقولنا العام يوجب الحكم قطعا، وقد يقع محمولا فيها، نحو النكرة في موضوع النفي عامة.
وكذلك الأعراض الذاتية للحكم ثلاثة أقسام أيضا الأول ما يكون مبحوثا عنه، وهو كون الحكم ثابتا بالأدلة المذكورة، والثاني ما يكون له مدخل في لحوق ما هو مبحوث عنه ككونه متعلقا بفعل البالغ أو بفعل الصبي ونحوه. والثالث ما لا يكون كذلك فالأول يكون محمولا في القضايا التي هي مسائل هذا العلم والثاني أوصافا وقيودا لموضوع تلك القضايا، وقد يقع موضوعا وقد يقع محمولا كقولنا الحكم المتعلق بالعبادة يثبت بخبر الواحد ونحو العقوبة لا تثبت بالقياس ونحو زكاة الصبي عبادة. وأما الثالث من كلا القسمين بمعزل عن هذا العلم وعن مسائله. "ويلحق به البحث عما يثبت بهذه الأدلة، وهو الحكم وعما يتعلق به" الضمير المجرور في قوله ويلحق به راجع إلى البحث المدلول في قوله فيبحث عما يثبت أي عن أحوال ما يثبت وقوله عما يتعلق به أي بالحكم، وهو الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه.
واعلم أن قوله ويلحق به يحتمل أمرين أحدهما أن يراد به أن يذكر مباحث الحكم بعد مباحث الأدلة على أن موضوع هذا العلم الأدلة والأحكام. والثاني أن موضوع هذا العلم الأدلة فقط وإنما يبحث عن الأحكام على أنه من لواحق هذا العلم فإن أصول الفقه هي أدلة الفقه، ثم أريد به العلم بالأدلة من حيث إنها مثبتة للحكم فالمباحث الناشئة عن الحكم وما يتعلق به خارجة عن هذا العلم وهي مسائل قليلة تذكر على أنها لواحق وتوابع لمسائل هذا العلم كما أن موضوع المنطق التصورات والتصديقات من حيث إنها موصلة إلى تصور وتصديق فمعظم مسائل المنطق راجع إلى أحوال الموصل وإن كان يبحث فيه على سبيل الندرة عن أحوال التصور الموصل إليه كالبحث عن الماهيات أنها قابلة للحد فهذا البحث يذكر على طريق التبعية فكذا هنا وفي بعض كتب الأصول لم يعد مباحث الحكم من مباحث هذا العلم لكن الصحيح هو الاحتمال الأول وقوله وهو الحكم، فإن أريد بالحكم
...................................................................... ..........................
صفحة ٤٢