المنع وقد تكون للإباحة نحو جالس الفقهاء أو المحدثين والفرق بينها وبين التخيير أن المراد فيه أحدهما فلا يملك الجمع بينهما بخلاف الإباحة فله أن يجالس كلا الفريقين ويعرف بدلالة الحال أن المراد أيهما فعلى هذا قالوا في لا أكلم أحدا إلا فلانا أو فلانا
فعلم أنه غير متسق فحملنا قوله لكن أجيزه بمائتين على أنه كلام مستأنف فيكون إجازة لنكاح آخر مهره مائتان
"أو لأحد الشيئين لا للشك فإن الكلام للإفهام وإنما يلزم الشك من المحل وهو الإخبار بخلاف الإنشاء فإنه حينئذ للتخيير كآية الكفارة فقوله هذا حر أو هذا إنشاء شرعا فأوجب التخيير بأن يوقع العتق في أيهما شاء ويكون هذا" أي إيقاع العتق في أيهما شاء "إنشاء حتى يشترط صلاحية المحل حينئذ" أي حين إيقاع العتق في أيهما شاء "وإخبار لغة" عطف على قوله إنشاء شرعا "فيكون بيانه إظهارا للواقع فيجبر عليه" أي على البيان اعلم أن هذا الكلام إنشاء في الشرع لكنه يحتمل الإخبار لأنه وضع للإخبار لغة حتى لو جمع بين حر وعبد وقال أحدكما حر أو قال هذا حر أو هذا لا يعتق العبد لاحتمال الإخبار هنا فمن حيث إنه إنشاء شرعا يوجب التخيير أي يكون له ولاية إيقاع هذا العتق في أيهما شاء ويكون هذا الإيقاع إنشاء ومن حيث إنه إخبار لغة يوجب الشك ويكون إخبارا بالمجهول فعليه أن يظهر ما في الواقع وهذا الإظهار لا يكون إنشاء بل إظهارا لما هو الواقع فلما كان للبيان وهو تعيين أحدهما شبهان شبه الإنشاء وشبه الإخبار عملنا بالشبهين فمن حيث إنه إنشاء شرطنا صلاحية المحل عند البيان حتى إذا مات أحدهما فقال أردت الميت لا يصدق ومن حيث إنه إخبار قلنا يجبر على البيان فإنه لا جبر في الإنشاءات بخلاف الإخبارات كما إذا أقر بالمجهول حيث يجبر على البيان
...................................................................... ..........................
قوله: "بخلاف الإنشاء" فإنه لا يحتمل الشك أو التشكيك لأنه إثبات الكلام ابتداء فأو في الأمر للتخيير أو الإباحة أو التسوية أو نحو ذلك بما يناسب المقام فالتخيير كما في قوله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة:89] الآية فإنه بمعنى الأمر أي فليكفر بأحد هذه الأمور، والمشهور في الفرق بين التخيير والإباحة أنه يمتنع في التخيير الجمع ولا يمتنع في الإباحة، لكن الفرق هاهنا هو أنه لا يجب في الإباحة الإتيان بواحد، وفي التخيير يجب، وحينئذ إن كان الأصل فيه الحظر، ويثبت الجواز بعارض الأمر كما إذا قال بع عبيدي هذا أو ذاك يمتنع الجمع، ويجب الاقتصار على الواحد لأنه المأمور به، وإن كان الأصل فيه الإباحة، ووجب بالأمر واحد كما في خصال الكفارة يجوز الجمع بحكم الإباحة الأصلية، وهذا يسمى التخيير على سبيل الإباحة.
قوله: "إنشاء شرعا" لأنه لم يتحقق إثبات الحرية بغير هذا اللفظ فلو كان خبرا لكان كذبا فيجب أن يجعل الحرية ثابتة قبيل هذا الكلام بطريق الاقتضاء تصحيحا لمدلوله اللغوي، وهذا معنى كونه إنشاء شرعا وعرفا إخبار الحقيقة، ولغة.
قوله: "ويكون هذا إنشاء" لأن الإيجاب الأول إنشاء، وإنما نزل في مبهم لا في معين فلا يمكن إثباته في غير ما أوجبه، والعتق إنما يتحقق في المعين بالبيان فيكون في حكم الإنشاء.
صفحة ٢٠١