177

شرح السنة

محقق

شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي - دمشق

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

مكان النشر

بيروت

وَقَوْلُهُ: «إِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ» مَعْنَاهُ: لَيَعْجَزُ عَنْ جَلالِهِ وَعَظَمَتِهِ حَتَّى يَئِطَّ بِهِ إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ إِنَّمَا يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَهُ، وَلِعَجْزِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ «، وَمَنْ» بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّمْثِيلِ عِنْدَهُ مَعْنَى عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلالِهِ، وَارْتِفَاعِ عَرْشِهِ، لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ، وَجَلالَةِ الْقَدْرِ لَا يُجْعَلُ شَفِيعًا إِلَى مَا هُوَ دُونَهُ، تَعَالَى اللَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِشَيْءٍ، أَوْ مُكَيَّفًا بِصُورَةِ خَلْقٍ، أَوْ مُدْرَكًا بِحَدٍّ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].
قَالَ الشَّيْخُ، ﵀: وَالْوَاجِبُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِه الإِيمَانُ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَالتَّسْلِيمُ، وَتَرْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْعَقْلِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَقَالَ ﵀: وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ ﷾ عَظِيمٌ لَهُ عَظَمَةٌ، كَبِيرٌ لَهُ كِبْرِيَاءُ، عَزِيزٌ لَهُ عِزَّةٌ، حَيٌّ لَهُ حَيَاةٌ، بَاقٍ لَهُ بَقَاءٌ، عَالِمٌ وَلَهُ عِلْمٌ، وَمُتَكَلِّمٌ وَلَهُ كَلامٌ، قَوِيٌّ لَهُ قُوَّةٌ، وَقَادِرٌ وَلَهُ قُدْرَةٌ، وَسَمِيعٌ وَلَهُ سَمْعٌ، بَصِيرٌ لَهُ بَصَرٌ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الْوَاقِعَة: ٧٤]، وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [الْحَج: ٦٢]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الجاثية: ٣٧]،

1 / 177