شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
تصانيف
ورابعها: أن يعلم أو يغلب في ظنه أن ذلك لا يؤدي إلى تلف نفسه، ولا ذهاب عضو من أعضائه، أو اجتياح ماله، إلا أن يكون إماما فإن ذلك سائغ له أن يحمل نفسه على ذلك وإن علم الهلاك لإعزاز الدين كما فعل الحسين بن علي -عليهما السلام- ولذلك تباهى به سائر الأمم فيقول لم يبق من الرسول إلا سبط فحمل نفسه على الموت لإزالة المنكر عن دين ربه.
ولا يعذر عن التخلف عنه، والحال هذه، أحد إلا من عذره، ومن عذره وسعه التخلف، واللحاق أفضل بكثير، وقد فعل فعله كثير من أهل بيت النبوءة -عليهم السلام- ذكرهم يخرجنا عما نحن بصدده.
وخامسها: أن يعلم أو يغلب في ظنه أن ذلك الفاعل للمنكر، التارك للمعروف، ممن لم يعاهد على الإقرار على منكره وترك ما هو معروف عند غيره كاليهود وسائر أهل الذمة؛ فإنهم عوهدوا على أنهم يودعون([1]) وفعل ما يستحلون في شريعتهم، وإن كان عندنا منكرا كشرب الخمر وما شاكله، وترك ما لا يعتقدون وجوبه في شريعتهم كصلاتنا وصيامنا وما شاكل ذلك، وأن ذلك الفعل منكر من ذلك الفاعل إذ لا يقبح منه من الأمور المختلف فيها إلا ما يعلم قبحه أو يغلب في ظنه لفتوى من يرجع إليه من المفتين؛ إلا الإمام فله الإعتراض في مثل ذلك، فمتى حصلت هذه الشرائط وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومتى عدمت أو عدم بعضها سقط ذلك.
صفحة ٢٠٤