شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
تصانيف
ولأنا نعلم ضرورة بقاء الألم في حالة حركة الواحد منا وسكونه؛ فثبت خروجه عن مقدور القادرين بقدرة من الشياطين وغيرهم.
فإن قيل: فما معنى قول أيوب على وجه الإستفادة؟
قلنا: المراد بالنصب والعذاب هاهنا: الوسوسة، ففزع إلى الله -تعالى- ليعرف حكم الحادثة؛ لأنه لما أقسم ليجلدن إمرأته مائة جلدة، كان إذا أجمع([5]) -صلوات الله عليه- على ذلك وسوسه بأن نبيا من أنبياء الله يجلد إمرأة مؤمنة مائة جلدة في غير حق الله -سبحانه- هذا لا يجوز، فإذا أضرب عن جلدها - ولم يكن من شرعه -صلوات الله عليه- الكفارة، لولا ذلك كفر، ولم ينصب إليه شيء من الله - [وسوسه بأن نبيا من أنبياء الله([6])] يحلف بالله على إمضاء أمر يقدر على إمضائه ولا يمضيه، فبقي في غاية النصب والعذاب، ففزع إلى خير مفزع وهو الله -سبحانه- فأمره بأمر أبر فيه قسمه، وتحلل من إليته، ولم يؤذ المؤمنة وقوعه، فهذا أكبر ما يبلغ إليه كيد الشيطان، ويدخل تحت مقدوره.
فأما تلك الآلام والأجسام، التي حدثت فيه -عليه السلام-، فلا قادر عليها إلا الله -سبحانه- بالآثار والدلالة.
صفحة ١٦١