شرح مختصر الروضة
محقق
عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
وَأَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالُوا: الْفِقْهُ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ لِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. وَقِيلَ: النَّاسُ، لِيَدْخُلَ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ. وَلَا يَرِدُ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الْبَهِيمَةِ، لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِفِعْلِهَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَالِكِهَا، لَا إِلَيْهَا نَفْسِهَا.
ــ
قَوْلُهُ: «وَأَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالُوا: الْفِقْهُ، مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ لِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ» وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: الْعِلْمُ بِالْإِحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ لِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ.
وَلَفْظُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي «الرَّوْضَةِ»: الْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ، كَالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَلَمْ يَقْصِدُوا بِذَلِكَ تَحْقِيقَ الْمُتَأَخِّرِينَ، بَلْ أَرَادُوا الْإِشَارَةَ إِلَى حَقِيقَةِ الْفِقْهِ.
قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: النَّاسُ» أَيْ: وَقِيلَ: مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ لِأَفْعَالِ النَّاسِ «لِيَدْخُلَ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ»، كَالْمَجْنُونِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، كَضَمَانِ إِتْلَافَاتِهِمَا وَغَرَامَاتِهِمَا، إِذْ هُمَا مِنَ النَّاسِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا هَذَا التَّعْرِيفُ، وَلَيْسَا مِنَ الْمُكَلَّفِينَ فَيَخْرُجَانِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.
لَكِنَّ هَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا يُبْطِلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا حَاوَلْنَا إِدْخَالَ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِهِمَا فِي حَدِّ الْفِقْهِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِأَفْعَالِهِمَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ فَيَكُونَانِ مُكَلَّفَيْنِ.
وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ بِأَفْعَالِهِمَا، إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَلِيِّهِمَا، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الدَّابَّةِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَالِكِهَا، وَلَيْسَتْ مُكَلَّفَةً، أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْحُكْمِ
1 / 167