177

شرح متن أبي شجاع - محمد حسن عبد الغفار

تصانيف

حكم الاستنجاء
وسننظر في هذا الباب من أكثر من وجه، الوجه الأول: هل الاستطابة أو الاستنجاء واجب أم هو سنة كما قالت الأحناف؟ وثمرة الخلاف: أننا إذا قلنا بوجوب الاستنجاء فيأثم إن لم يستنج، وإذا قلنا: بأنه مستحب فنقول: لا يأثم، لكنه ترك الأولى بالنسبة للوجوب.
وأما الأدلة على وجوب الاستنجاء -خلافًا للأحناف- ووجوب الاستطابة أولًا: حديث السنن بسند صحيح عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه أن النبي ﷺ قال عاذرًا المكلف: (وليستنج بثلاثة أحجار).
فقال: (وليستنج)، وهذا فعل أمر، وظاهر الأمر الوجوب ما لم تأت صارفة تصرفه إلى الاستحباب، فيبقى الأمر على ذاته أنه على الوجوب، وأيضًا حديث سلمان في السنن وهذا سنستخدمه كثيرًا: (ونهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار).
فإذا نهى عن العدد فالأولى أن يكون الأمر بالاستنجاء وإنقاء المحل على الوجوب، فهذه الدلالات من الأثر ترجح لنا وجوب الاستنجاء، أما الأدلة السلبية: فانظر إلى حديث الصحيحين عن ابن عباس ﵁ وأرضاه قال النبي ﷺ بعد أن مر بقبرين قال: (يعذبان وما يعذبان بكبير)، يبين أنه كبير، بمعنى: بل هو كبير، (أما الأول فكان لا يستنزه من بوله)، في رواية: (لا يستتر)، والشاهد الذي نريده، قال: (كان لا يستنزه من البول)، أي: كان لا يستنجي، فسبب العذاب أنه لم يكن يستنج للبول، ولا يرد فيقال: لا، بل سبب ذلك: أن الصلاة لا تصح فعذب على مسألة الصلاة.
نقول إذًا: الوسائل لها أحكام المقاصد وهذه وسيلة فلها حكم المقصد.

16 / 4