شرح المعالم في أصول الفقه

البري ت. 645 هجري
135

شرح المعالم في أصول الفقه

محقق

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

الناشر

عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

فَإنْ قُلُتَ: "لَعَلَّ الأَمْرَ -فِي تِلْكَ اللُّغَةِ- يُفِيدُ الْوُجُوبَ؛ فَلِمَ قُلْتَ بِأَنَّهُ فِي هذِهِ اللُّغَةِ كَذلِكَ؟ ! ": قُلْتُ: الظَّاهِرُ يَقتَضِي تَرْتِيبَ الذَّمِّ عَلَى مُخَالفَةِ الأَمْرِ، فَتَخْصِيصُهُ بِأمْرٍ خَاصٍّ خِلَافُ الظَّاهِرِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لُهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾ ذَمَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا مَا قِيلَ لَهُمْ: "افْعَلُوهُ"؛ وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ ظَاهِرَ الأَمْرِ لِلْوْجُوبِ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ ﵊ دَعَا أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ﵁ فَلَمْ === ويرد عليه: أنَّه لا يتعين أَنْ يكونَ قد ورد الأمر بنفس هذه الصيغة، بل جاز أَنْ يكونَ ذلك ترجمةً فِي سائر قَصَصِ الأنبياءِ المحكيَّةِ عنهم فِي القرآن بألْفَاظٍ مختلفة. ويرد على أصل الدليل أَنَّه يحتمل إِفادته الوجوبَ لاِنْضِمام قرائن. وأُجِيبَ عنه: بأَنَّ الأصل انتفاءُ القرائن، ولو كان هذا الاحتمال ضَارًّا لسقط الاحتجاج بسائر الظواهر والأحوال، بل الظاهر مِنَ الآية: أَنَّ الذم لم يكن لمجرد الترك، بَل للترك بصفة الإِبَاءِ، والاسْتكبار، وَزَعْمِهُ أنَّ الأمر بسجود الأعلى لِلأَدْنَى خلاف الحكمة؛ ولهذا حكم بكفره، فلم يكنِ الذَّم على مُجَرَّدِ التركِ. ومما يُنَبَّهُ له: أن المحتجَّ بهذه الحُجَّة وما بعدها إِنْ كان مطلُوبه القطع، فمجرد هذه الاحتمالاتِ قادِحٌ وكافٍ فِي ردِّها، ولا يُغْنِيه الاعتذارُ بأنَّه خلاف الظاهر، وميلُ القاضِي وأكثرِ الأُصوليِّين إلى أَن المطلوب منها القَطعُ، وإنْ كان المطلوب منها الظنَّ فهي كافِيةٌ، وإليه مَيلُ المصنف؛ لأَنَّ مآلها إلى العمل، والعملُ يكفي فيه غلبةُ الظنِّ.

1 / 245