إليه الرئاسة في العلم ببغداد، وشرح المختصر، وصنف الأصول، وأخذ عنه الأئمة، وانتشر الفقه عن أصحابه في البلاد، وخرج إلى مصر ومات بها في رجب سنة أربعين وثلاثمائة، ودفن عند الشافعي. ومن تصانيفه: "شرح المختصر" في نحو ثمانية أجزاء، وكتاب "التوسط بين الشافعي والمزني" لما اعترض به المزني في المختصر، وهو مجلد ضخم، يرجح فيه الاعتراض تارة، ويدفعه أخرى.
٦ - أحمد بن عمر بن سريج، القاضي أبو العباس البغدادي. حامل لواء الشافعية في زمانه وناشر مذهب الشافعي. تفقه بأبي القاسم الأنماطي وغيره، وأخذ عنه الفقه خلق من الأئمة. قال أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: رأيت كأنا مطرنا. كبريتًا أحمر، فملأت أكمامي وحجري، فعبر لي أن أرزق علمًا عزيزًا كعزة الكبريت الأحمر. وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. وقال العبادي في ترجمة ابن سريج: شيخ الأصحاب، وسالك سبيل الإِنصاف، وصاحب الأصول والفروع الحسان، وناقض قوانين المعترضين على الشافعي، ومعارض جوابات الخصوم. وقال الشيخ أبو إسحاق: كان من عظماء الشافعيين، وعلماء المسلمين، وولي قضاء شيراز، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي صاحب ابن اللبان يقول: إن فهرست كتب أبي العباس تشتمل على أربعمائة مصنف، وقام بنصرة هذا المذهب، ورد على المخالفين، وفرع على كتب محمد بن الحسن.
مات في جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة عن سبع وخمسين سنة بـ "بغداد" ودفن بالجانب الغربي.
٧ - عثمان بن سعيد بن بشار، أبو القاسم الأنماطي البغدادي الأحول. أحد أئمة الشافعية في عصره، أخذ الفقه عن المزني والربيع، وأخذ عنه أبو العباس ابن سريج، قال
1 / 110