شرح الكوكب المنير
محقق
محمد الزحيلي ونزيه حماد
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ
سنة النشر
١٩٩٧ مـ
عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ تُرَصَّعُ الْمَعَانِي فِي الْقُلُوبِ، وَتَلْتَصِقُ بِالصُّدُورِ، وَتَزِيدُ حُسْنَهُ وَحَلاوَتَهُ بِضَرْبِ الأَمْثِلَةِ وَالتَّشْبِيهَاتِ الْمَجَازِيَّةِ١.
ثُمَّ تَنْقَسِمُ الأَلْفَاظُ أَيْضًا إلَى مُشْتَرَكَةٍ، وَإِلَى عَامَّةٍ مُطْلَقَةٍ، - وَتُسَمَّى مُسْتَغْرِقَةً- وَإِلَى مَا هُوَ مُفْرَدٌ بِإِزَاءِ مُفْرَدٍ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ٢.
وَالدَّاعِي إلَى ذِكْرِ اللُّغَةِ هَاهُنَا: لِكَوْنِهَا مِنْ الأُمُورِ الْمُسْتَمَدِّ مِنْهَا هَذَا الْعِلْمُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الاسْتِدْلال مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اللَّذَيْنِ هُمَا أَصْلُ الإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ، وَكَانَا أَفْصَحَ الْكَلامِ الْعَرَبِيِّ: اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ لُغَةِ الْعَرَبِ، لِتَوَقُّفِ الاسْتِدْلالِ مِنْهُمَا عَلَيْهَا.
فَإِنْ قِيلَ: مَنْ سَبَقَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ مِنْ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، إنَّمَا كَانَ مَبْعُوثًا لِقَوْمِهِ خَاصَّةً فَهُوَ مَبْعُوثٌ بِلِسَانِهِمْ، وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٣ مَبْعُوثٌ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ. فَلِمَ لَمْ يُبْعَثْ بِجَمِيعِ الأَلْسِنَةِ، وَلَمْ يُبْعَثْ إلاَّ بِلِسَانِ بَعْضِهِمْ، وَهُمْ الْعَرَبُ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَوْ بُعِثَ بِلِسَانِ جَمِيعِهِمْ، لَكَانَ كَلامُهُ خَارِجًا عَنْ الْمَعْهُودِ، وَيَبْعُدُ بَلْ يَسْتَحِيلُ - أَنْ تَرِدَ كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ مُكَرَّرَةً بِكُلِّ الأَلْسِنَةِ. فَيَتَعَيَّنُ الْبَعْضُ. وَكَانَ لِسَانُ الْعَرَبِ أَحَقَّ، لأَنَّهُ أَوْسَعُ وَأَفْصَحُ، وَلأَنَّهُ لِسَانُ الْمُخَاطَبِينَ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ.
١ انظر المزهر ١/ ٣٧. ٢ انظر المزهر ١/ ٣٨. ٣ في ش: مثلهم.
1 / 99