شرح الكوكب المنير
محقق
محمد الزحيلي ونزيه حماد
الناشر
مكتبة العبيكان
الإصدار
الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ
سنة النشر
١٩٩٧ مـ
وَأَلْحَقَ الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُولِ كَلامَ الرَّسُولِ ﷺ بِكَلامِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ: لا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ وَلا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا، خِلافًا لِلْحَشْوِيَّةِ. وَسُمُّوا حَشْوِيَّةً؛ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَمَامَهُ. فَلَمَّا أَنْكَرَ كَلامَهُمْ قَالَ: رُدُّوهُمْ إلَى حَشْوِ الْحَلْقَةِ، أَيْ جَانِبِهَا١.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: بِفَتْحِ الشِّينِ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالإِسْكَانِ. وَكَذَا قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: بِالسُّكُونِ. لأَنَّهُ إمَّا مِنْ الْحَشْوِ، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِوُجُودِ الْحَشْوِ الَّذِي لا مَعْنَى لَهُ فِي كَلامِ الْمَعْصُومِ، أَوْ لِقَوْلِهِمْ بِالتَّجْسِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ٢.
"وَ" لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا "لا" أَيْ شَيْءٌ "مَعْنِيٌّ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرِهِ" وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ وَأَتْبَاعِهِمْ٣؛ لأَنَّهُ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى٤ مَدْلُولِ اللُّغَةِ ٥فِيمَا اقْتَضَاهُ٥ نِظَامُ الْكَلامِ، وَلأَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ الظَّاهِرِ كَالْمُهْمَلِ "إلاَّ بِدَلِيلٍ" لِلاحْتِرَازِ مِنْ وُرُودِ الْعَامِّ وَتَأَخُّرِ الْمُخَصِّصِ لَهُ وَنَحْوِهِ. وَقَالَتْ الْمُرْجِئَةُ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَنَفَوْا ضَرَرَ الْعِصْيَانِ مَعَ مُجَامَعَةِ الإِيمَانِ. فَقَالُوا: لا تَضُرُّ٦ مَعَ الإِيمَانِ مَعْصِيَةٌ، كَمَا لا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ، زَاعِمِينَ أَنَّ آيَاتِ الْوَعِيدِ لِتَخْوِيفِ الْفُسَّاقِ، وَلَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا، بَلْ الْمُرَادُ بِهَا خِلافُ
١ انظر: المحلي على جمع الجوامع ١/ ٢٣٣.
٢ انظر: حاشية البناني على جمع الجوامع ١/ ٢٣٣، فتاوى ابن تيمية ١٢/ ١٧٦.
٣ انظر: جمع الجوامع ١/ ٢٣٣.
٤ في ض: بلا.
٥ في ع: في مقتضاه.
٦ في ب ع ض: يضرّ.
2 / 147