شرح الكوكب المنير
محقق
محمد الزحيلي ونزيه حماد
الناشر
مكتبة العبيكان
الإصدار
الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ
سنة النشر
١٩٩٧ مـ
وَأَبُو الْحَسَنِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَافَقُوا هَؤُلاءِ١.
وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ: أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ السَّلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَأَمَّا سَلَفُ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا، وَأَكَابِرُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ طَوَائِفِ النُّظَّارِ كَالْكُلاَّبِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، وَيَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَيَرْضَى بِهِ، كَمَا يَأْمُرُ بِهِ. وَلا يَرْضَى بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ وَلا يُحِبُّهُ، كَمَا لا يَأْمُرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَشَاؤُهُ٢.
وَلِهَذَا كَانَ حَمَلَةُ الشَّرْعِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا. كَقَضَاءِ دَيْنٍ تَضَيَّقَ وَقْتُهُ ٣ أَوْ عِبَادَةٍ تَضَيَّقَ وَقْتُهَا"٣. وَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْهُ٤ لَمْ يَحْنَثْ. وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ الْقَدَرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّ ذَلِكَ وَيَرْضَاهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ يَنْدُبُ إلَى ذَلِكَ وَيُرَغِّبُ فِيهِ، أَوْ يَأْمُرُ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ.
قَالَ الْبَغَوِيّ فِي "تَفْسِيرِهِ"، عِنْدَ قَوْله ﷾: ﴿سَيَقُولُ٥ الَّذِينَ
١ قالو: المحبة هي الإرادة نفسها، وكذلك الرضا والاصطفاء، وهو سبحانه يريد الكفر ويرضاه "جواب أهل العلم والإيمان ص١٠١".
٢ انظر: مدارج السالكين ١/ ٢٤٣، مجموعة الرسائل والمسائل ٥/ ١٢٧، أصول السرخي ١/ ٨٢، منهاج السنة ١/ ٣٥، نهاية الاقدام ص٢٥٨، وفي ز ع ب ض: شاءه.
٣ ساقطة من ش.
٤ في ش: يفعل.
٥ في ش: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة / ١٤٢]، ﴿سَيَقُولُ.
1 / 320