﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ ١ أَيْ: لا تَتَقَدَّمُوا. وَبِفَتْحِهَا، لأَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ أَوْ أَمِيرَ الْجَيْشِ قَدَّمَهَا، وَمَنَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكَسْرَ. وَبَعْضُهُمْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ كُلُّ عِلْمٍ لا يَتَمَيَّزُ فِي نَفْسِهِ عَنْ بَقِيَّةِ الْعُلُومِ إلاَّ بِتَمييزِ٢ مَوْضُوعِهِ. وَكَانَ مَوْضُوعُ أُصُولِ الْفِقْهِ: أَخَصَّ مِنْ مُطْلَقِ الْمَوْضُوعِ. وَكَانَ الْعِلْمُ بِالْخَاصِّ مَسْبُوقًا بِالْعِلْمِ بالْعَامِّ٣، بَدَأَ بِتَعْرِيفِ مُطْلَقِ الْمَوْضُوعِ بِقَوْلِهِ:
"مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ" شَرْعِيًّا كَانَ أَوْ عَقْلِيًّا "مَا" أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي "يُبْحَثُ فِيهِ" أَيْ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ "عَنْ عَوَارِضِهِ" أَيْ عَوَارِضِ مَوْضُوعِهِ "الذَّاتِيَّةِ" أَيْ الأَحْوَالِ٤ الْعَارِضَةِ لِلذَّاتِ، دُونَ الْعَوَارِضِ اللاَّحِقَةِ لأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الذَّاتِ٥.
وَمَسَائِلُ كُلِّ عِلْمٍ مَعْرِفَةُ الأَحْوَالِ٤ الْعَارِضَةِ لِذَاتِ مَوْضُوعِ ذَلِكَ الْعِلْمِ٦.
فَمَوْضُوعُ عِلْمِ الطِّبِّ مَثَلًا: هُوَ بَدَنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّهُ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ الأَمْرَاضِ اللاَّحِقَةِ لَهُ، وَمَسَائِلُهُ: هِيَ مَعْرِفَةُ تِلْكَ الأَمْرَاضِ.
_________
١ الآية ١ من الحجرات.
٢ في ش ز ب: بتميز.
٣ في ش: العام.
٤ في ز: الأصول.
٥ انظر في موضوعات العلوم "تعريفات الجرجاني ص٢٥٦، إرشاد الفحول ص٥، فواتح الرحموت ١/ ٨، تحرير القواعد المنطقية ص٢٣".
٦ انظر في مسائل العلوم التعريفات للجرجاني ص٢٢٥.
1 / 33