172

شرح الكوكب المنير

محقق

محمد الزحيلي ونزيه حماد

الناشر

مكتبة العبيكان

رقم الإصدار

الطبعة الثانية ١٤١٨ هـ

سنة النشر

١٩٩٧ مـ

مَجَازٌ، إذْ الْمُشَيِّبُ١ لِلنَّاسِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَهَذَا مَجَازٌ فِي الإِسْنَادِ، لا فِي نَفْسِ مَدْلُولاتِ الأَلْفَاظِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا﴾ ٢ ﴿إنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ﴾ ٣، فَكُلٌّ مِنْ طَرَفَيْ الإِسْنَادِ حَقِيقَةٌ، وَإِنَّمَا الْمَجَازُ فِي إسْنَادِ الزِّيَادَةِ إلَى الآيَاتِ، وَالإِضْلالِ إلَى الأَصْنَامِ٤، وَكَذَا ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ ٥ وَالْفَاعِلُ ٦ لِذَلِكَ فِي الْكُلِّ ٦ هُوَ اللَّهُ ﷾.
"وَ" يَكُونُ الْمَجَازُ "فِيهِمَا" أَيْ فِي الْمُفْرَدِ وَفِي الإِسْنَادِ "مَعًا" أَيْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: "أَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِك" إذْ٧ حَقِيقَتُهُ: سَرَّتْنِي رُؤْيَتُكَ، لَكِنْ٨ أَطْلَقَ لَفْظَ "الإِحْيَاءِ" عَلَى "السُّرُورِ" "مَجَازًا إفْرَادِيًّا"٩. لأَنَّ الْحَيَاةَ شَرْطُ صِحَّةِ السُّرُورِ وَهُوَ مِنْ آثَارِهَا.
وَكَذَا لَفْظُ "الاكْتِحَالِ" ١٠ عَلَى الرُّؤْيَةِ مَجَازٌ إفْرَادِيٌّ؛ لأَنَّ الاكْتِحَالَ ١٠: جَعْلُ الْعَيْنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْكُحْلِ، كَمَا أَنَّ الرُّؤْيَةَ: جَعْلُ الْعَيْنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى صُورَةِ الْمَرْئِيِّ.

١ في ش: المسبب.
٢ الأية ٢ من الأنفال.
٣ الآية ٣٦ من إبراهيم.
٤ فقد أسْنِدَتْ الزيادة، وهي فعل الله تعالى إلى الآيات المتلوة لكونها سببًا لها عادةً، كما أسْنِدَ الإضلال، وهو فعله سبحانه إلى الأصنام باعتبارها سببًا للأظلال كذلك. "انظر المحلي على جمع الجوامع ١/ ٣٢٠".
٥ الآية ٢٧ من الأعراف.
٦ في ش: كذلك.
٧ في ش: أن.
٨ ساقطة من ش.
٩ في ش: مجاز إفرادي.
١٠ ساقطة من ز.

1 / 185