قوله: «فأعي ما يقول»: وقع التغاير في العبارة عن الحالتين فعبر عن الحالة الأولى بقوله: «وقد وعيت» بصيغة الماضي وعن الثانية بصيغة المضارع إشارة إلى أن فهم القول وحفظه في الحالة الأولى أسرع، لكونها على خلاف المعتاد من أحوال الخطاب، فالالتفات إليها أشد والاعتناء به أهم فيحصل الفهم والحفظ في أسرع حال.
قوله: «قالت عائشة»: هو بالإسناد الذي قبله وإن كان بغير العاطف كما يستعمله المحدثون.
قوله: «ليتفصد»: بالفاء وتشديد المهلة، أي: يسيل عرقا، مأخوذ من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم.
وفي قولها: «في اليوم الشديد البرد»: دلالة على كثرة معانات التعب والكرب عند نزول الوحي، لما فيه من مخالفة العادة.
قوله: «أي: فينجلي»: بمعنى ينكشف ويذهب عنه، وأصل الفصم؛ القطع ومنه قوله تعالى: { لا انفصام لها}[البقرة: 256]، وقيل: الفصم بالفاء القطع بلا إبانة، وبالقاف القطع بإبانة، وعبر في الحديث بالفصم إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود إليه.
<01/15> الباب الثالث في ذكر القرآن
قوله: «القرآن»: وهو الكلام الإلهي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المتحدي بأقصر سورة منه قال تعالى: {فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهدآءكم من دون الله إن كنتم صادقين}[البقرة: 23]، وإنما ذكر هذا الباب بعد باب الوحي لأنه كالجزء منه، وذلك أن الموحى شيئان: متلو وغير متلو، والأول هو القرآن وهو الركن الأعظم من ركني الوحي، وهو المعجزة الباقية على مر الأيام والليالي ما طمع في معارضته أحد إلا افتضح.
صفحة ٨