355

شرح حدود ابن عرفة

الناشر

المكتبة العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٥٠هـ

لَكَانَ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ ﵁ وَرَأَيْت عَنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ أَنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا الرَّسْمِ إذَا جَعَلَ زَوْجٌ لِزَوْجَتِهِ أَمْرَ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا وَمَلَّكَهَا ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَطَلُقَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ إنْ مَلَّكَهَا قَدْ رَفَعَتْهُ بِمَا مَلَكَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ وَلَمَّا ذَكَرْت هَذَا بِالْمَجْلِسِ تَرَدَّدَ فِيهِ الطَّلَبَةُ لِلنُّبَلَاءِ عِنْدِي فِي صِحَّةِ وُرُودِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ نَمْنَعُ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَلَكَتْ أَمْرًا ثَبَتَ لَهَا مِلْكٌ فِيهِ بَلْ أَثْبَتَتْ إمَّا وَكَالَةً مِنْ الزَّوْجِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ أَثْبَتَتْ مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُورِدُ عَلَى الْحَدِّ بِوَجْهٍ، وَقَدْ رَأَيْت تَقْيِيدًا عَنْ الشَّيْخِ ﵀ وَنَفَعَ بِهِ وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ تَصَوَّرَ ثُبُوتَ الِاسْتِحْقَاقِ بِدُونِ شَهَادَةٍ بِالْغَصْبِ مُشْكِلٌ قَالَ: لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَعْلُومَةِ قَالَ، ثُمَّ إنَّ وُجُودَ الْمُسْتَحَقِّ بِيَدِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ مَعَ الشَّهَادَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا غَصَبَهُ فَيَلْزَمُ فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ مَا يَلْزَمُ الْغَاصِبُ مِنْ رَدِّ الْغَلَّةِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ الْغَالِبُ أَنْ لَا يَحُوزَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا إلَّا بِأَحَدِ الْوُجُوهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ خُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ فَرُوعِيَ الْغَالِبُ وَتُرِكَ الْأَصْلُ لِلْمَصْلَحَةِ فَتَأَمَّلْ هَذَا كَذَا وَجَدْته عِنْدِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَنْفَعُنَا بِهِ وَبِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ.
[كِتَاب الشُّفْعَةِ]
(ش ف ع): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الشُّفْعَةِ
قَالَ الشَّيْخُ ﵁ " الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخَذَ مَبِيعَ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ " الشُّفْعَةُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقٌّ مِنْ الشَّفْعِ كَذَا قِيلَ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَخْذًا وَضَمًّا لِحِصَّةٍ أُخْرَى شَفَعَتْهُ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فَهُوَ أَخَصُّ وَوُضِعَتْ لَمَّا وَقَعَ الْحَدُّ لَهُ فَقَوْلُ الشَّيْخِ اسْتِحْقَاقٌ صَيَّرَهُ جِنْسًا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقُ الْمَعْهُودُ وَهُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ وَلَا يَصِحُّ هُنَا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْأَخْذِ بَلْ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْقَاقِ اللُّغَوِيُّ أَيْ طَلَبُ الشَّرِيكِ بِحَقِّ أَخْذِ مَبِيعِ شَرِيكِهِ وَطَلَبُهُ أَعَمُّ مِنْ أَخْذِهِ فَمَاهِيَّةُ الشُّفْعَةِ إنَّمَا هِيَ طَلَبُ الشَّرِيكِ بِحَقِّ أَخْذِ مَبِيعِ شَرِيكِهِ وَهِيَ مَعْرُوضَةٌ لِلْأَخْذِ وَعَدَمِهِ وَلِذَا عَبَّرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ

1 / 356