فإذا تلوت ما تلونا عليك حق التلاوة وقرأته حق القرائة، فاعلم أن الإسم عبارة عن الذات مع صفة معينة، من صفاته وتجل من تجلياته، فإن الرحمن ذات متجلية بالرحمة المنبسطة والرحيم ذات متجلية بالتجلى الرحمة التي هي بسط الكمال والمنتقم ذات متعينة بالإنتقام. وهذا أول تكثر وقع في دار الوجود، وهذا التكثر في الحقيقة تكثر علمي وشهود ذاته في مرآت الصفات والأسماء والكشف التفصيلي في عين العلم الإجمالي، وبهذا التجلي الأسمائي والصفاتي انفتح باب الوجود وارتبط الغيب بالشهود وانبسطت الرحمة على العباد والنعمة في البلاد. ولولا التجلي الأسمائي كان العالم في ظلمة العدم وكدورة الخفاء ووحشة الإختفاء لعدم إمكان التجلي الذاتي لأحد من العالمين. بل لقلب سالك من السالكين إلا في حجاب اسم من الأسماء وصفة من الصفات. وبهذا التجلي شهد الكمل الأسماء والصفات ولوازمها ولوازم لوازمها إلى أخيرة مراتب الوجود ورأو العين الثابت من كل حقيقة وهوية، وكان التجلي ببعض الأسماء مقدما على بعض، فكل إسم محيط وقع التجلي إبتداءا له وفي حجابه للإسم المحاط. فإسم-الله والرحمن- لإحاطتهما يكون التجلي لساير الأسماء بتوسطها وهذا من أسرار سبق الرحمة على الغضب، وليكون التجلي باسم الله على الأسماء الأخر أولا وبتوسطها على الأعيان الثابتة من كل حقيقة ثانيا إلا العين الثابت للإنسان الكامل، فان التجلي وقع له إبتدائا بلا توسط شيء وعلى الأعيان الخارجية ثالثا وفي التجلي العيني أيضا كان التجلي على الإنسان الكامل باسم الله بلا واسطة من الصفات أو إسم من الأسماء وعلى ساير الموجودات بتوسط الأسماء. وهذا من أسرار أمر الله بسجود الملائكة على آدم عليه السلام، وإن جهل بحقيقة هذا الشيطان اللعين لقصوره، ولولا تجلي الله بإسمه المحيط على آدم عليه السلام لا يتمكن من تعلم الأسماء كلها ولو كان الشيطان مربوب إسم الله لما وقع الخطاب على سجدته ولما قصر عن روحانية آدم عليه السلام وكون آدم مظهر إسم الله الأعظم اقتضى خلافته عن الله في العالمين.
نور
ولعلك بعد التدبر في روح الإسم والتفكر في حقيقته ومطالعة دفتر سلسلة الوجود وقراءة أسطره ينكشف لك بإذن الله وحسن توفيه أن سلسلة الوجود ومراتبها ودائرة الشهود ومدارجها ودرجاتها كلها أسماء إلهية، فإن الإسم هو العلامة، وكل ما دخل في الوجود من حضرة الغيب علامة بارئه ومظهر من مظاهر ربه. فالحقايق الكلية من أمهات ***116]
صفحة ١٠٨