اللهم إني أسئلك من بهائك بأبهاه، وكل بهائك بهي، اللهم إني أسئلك ببهائك كله.
قول الداعي:(اللهم) أصله يا ألله. واعلم أن الإنسان هو الكون الجامع لجميع المراتب العينية والمثالية والحسية، منطو فيه العوالم الغيبية والشهادية وما فيها، كما قال الله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها. وقال مولينا ومولى الموحدين صلوات الله عليه على ما نقل:
أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
فهو مع الملك ملك، ومع الملكوت ملكوت، ومع الجبروت جبروت. وروي عنه وعن الصادق عليهما السلام: إعلم أن الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صورة العالمين، وهي المختصر من اللوح المحفوظ، وهي الشاهد على كل غائب، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير، والصراط الممدود بين الجنة والنار، انتهى. فهو خليفة الله على خلقه، مخلوق على صورته، متصرف في بلاده، مخلع بخلع اسمائه وصفاته، نافذ في خزائن ملكه وملكوته، منفوخ فيه الروح من الحضرة الإلهيه، ظاهره نسخة الملك والملكوت وباطنه خزانة الحي الذي لا يموت. ولما كان جامعا لجميع الصور الكونيه الإلهيه كان مربى بالإسم الأعظم، المحيط لجميع الأسماء والصفات، الحاكم على جميع الرسوم والتعينات. فالحضرة الإلهيه رب الإنسان الجامع الكامل. وينبغي له أن يدعو ربه بالإسم المناسب لمقامه والحافظ من منافراته. ولهذا أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم(قال تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ((الأعراف)) دون ساير الأسماء وصار مأمورا بالإستعاذه برب الناس في قوله تعالى: "قل أعوذ برب الناس" من شر الذي ينافر مرتبته وكمالاته، وهو الوسوسة في صدره من الموسوس القاطع لطريقه في سلوك المعرفه.
قال العارف الكامل كمال الدين عبدالرزاق الكاشاني: في تأويلاته. "الإنسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود. فربه الذي أوجده فأفاض عليه كماله هو الذات باعتبار جميع الأسماء بحسب البدايه المعبر عنه ب(الله)، ولهذا قال تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}(ص:75) بالمتقابلتين كاللطف والقهر والجلال والجمال الشاملين لجميعها" انتهى بعين ألفاظه.
فالمتكفل لعوده من أسفل السافلين واسترجاعه من الهاوية المظلمة إلى دار كرامته ***38]
صفحة ٣٧