145

شأن الدعاء

محقق

أحمد يوسف الدّقاق

الناشر

دار الثقافة العربية

في قَوْلهِ [تعالى] (١): (الحَمْدُ لله رب العَاَلمْينَ) [الفاتحة/١] أن مَعْنَى الرب: السيد. وهَذَا يَسْتَقيمُ إذَا جعَلْنَا (٢) العَاَلمْينَ مَعْنَاهُ: المُمَيزِيْنَ، دون الجَمَادِ، لأنهُ لَا يَصْلُحُ أنْ يُقالَ: سَيدُ الشجَرِ والجَبَلِ (٣) وَنَحْوَها، كَمَا يُقَالُ: سَيدُ الناسِ، وَمِنْ هَذا قَوْلُهُ -سُبْحَانَهُ-: (اِرْجِعْ إلَى رَبكَ فَاسْألْهُ مَا بَالُ النسْوَةِ) [يوسف/ ٥٠]. أيْ: إلَى سَيدِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعِرِ (٤): بِقَتْلِ بَني مَالِكٍ رَبَّهُمْ ... ألا كُلُّ شيْءٍ سِوَاهُ جللْ يُرِيْدُ سَيدَهُمْ. وَقِيْلَ: إن الرب: المَالِكُ، وَعَلَى هَذَا تَسْتَقِيْمُ الإضَافَةُ عَلَى العُمُوْمِ. وَذهب كَثِيْرٌ مِنْهُمْ إلَى أن اسْمَ العَاْلَمِ يَقَعُ عَلَى جَميْع المُكَونَاتِ. وَاحْتَجُّوا بقَوْلهِ -سُبْحَانَهُ-: (قَالَ فِرْعَوْنُ، وَمَا رَب العاَلمْينَ قَالَ رب السموَاتِ والأرْض وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنْتُم مُوْقِنِين) [الشعراء/ ٢٣ - ٢٤]. وَأمَّا المنَّانُ: فَهُوَ كَثيرُ العَطَاءِ. وَالمَنُّ: العَطَاءُ لِمَن لاَ

(١) زيادة من (م). (٢) عبارة (م): "جعلنا معنى ... ". (٣) في (ت) و(م): "الجبال" وفي (م): "الجبال والشجر ... ". (٤) البيت لامريء القيس من قصيدة -قالها بعدما جاءه خبر مقتل أبيه- في ديوانه ص ٢٦١، وهو من شواهد المغني بشرح عبد القادر البغدادي ٣/ ٧٩، وفي الشعر والشعراء ١/ ١٠٨، والأغاني ٩/ ٨٦، والهمع ٢/ ٧٢، والدرر ٢/ ٨٨، والرواية في المصادر السابقة: "بقتل بني أسد ... " بدل: "مالك". ويستشهد به النحاة على أن: "جلل" بمعنى: حقير.

1 / 100