شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم

نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (المتوفى: 573 هـ) ت. 573 هجري
56

شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم

محقق

د حسين بن عبد الله العمري - مطهر بن علي الإرياني - د يوسف محمد عبد الله

الناشر

دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

دار الفكر (دمشق - سورية)

وضمَّنْتُ كتابي هذا ما سَنحَ من أُصُولِ عِبارَةِ «١» الأَحْلام، المأْخُوذَةِ من الأَمثالِ المَضْروبَةِ في الكَلام، من كلامِ اللّاهِ تعالى وكلامِ أنْبِيائِه ﵈، وما يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ العَوَام. وأَودعْتُه ما لا بُدّ من تَفْسيرِه من عِلْم النجوم، الذي هوَ أكبرُ دليلٍ على الحَيّ القَيُّوم. وهو العِلْمُ الإِلهي الذي أُنْزِلَ على النبيّ إِدْريس، المحْروسِ من الغَلَطِ والتّلْبِيس. وهو معجزتُه- ﵇ التي كانَ يأخُذُ بها قَوْمَه، فيخبرُهم بالسّارق، وخَفِيّ السِّرِّ والعَبْدِ الآبِق، ويحكُم بهِ بينَ الخُصوم، ويميّزُ ذا الرَّهَق «٢» منَ المَعْصوم. ومن عجائِبِه ﷺ ومُعْجزاتِه: أنّ رجُلَيْن دخلا عليهِ، فسألاه عن المَلَكَيْنِ جِبْرِيلَ ومِيكائيل، أينَ هُما؟ وأينَ مكانُهما في ذلكَ الحِين؟ فنظرَ في المسألَةِ ثم قال: «هُما في الأرض»، فقالا: «في أيِّ الأرضِ؟». فقَسَم الأَرْضَ أَرْباعًا، ثم قال: «هما في الرُّبْعِ الذي نحنُ فيه»، ثم قَسَمَ الرُّبْعَ أَرْباعًا، وكلَّ رُبْعٍ يجدُهما فيه أَرْباعًا، حتّى انْتَهى إِلى دارِه فوجَدَهما فيها. ثم قَسَم دارَه أرْباعا حتى انتَهى، فقال: «أنتُما المَسْؤولُ عنهما»، فقالا: «أَصَبْت يا نبيَّ اللّاه»، ثم نَظَر إِليهما فلم يَرَهُما. إِلا أَنَّ هذا العلمَ دَقَّ علَى أكثرِ النَّاس. فَخَلَطُوا جَلِيَّه بالالباس «٣». فكانت معجزتُه- ﵇ من جِنْسٍ ما كان يتنافَسُ فيه قومُه. وكذلكَ مُعْجِزَةُ موسى التي فَلَج بها السَّحَرَةَ المقوِّمين للعِصِيِّ والحِبال، هي عَصاهُ التي تلقف ما أَتَوْا به من السِّحرِ والمُحال؛ لأنّهم كانوا يتنافَسُونَ في السِّحر، ويَعُدُّون معرفَتَه من أَعْظَم الفَخْر.

(١) في اللسان والتاج (عبر): «عَبَرَ الرؤيا يَعْبرُها عَبْرا وعِبارة بالكسر وعبَّرها تعبيرًا: فسرها وأخبر بما يؤول إِليه أمرها». (٢) الرهق: الكذب والجهل. (٣) في (ت) و(ل ٢) و(ل ٣) و(صن): «بالتباس»، وأثبتنا ما في الأصل (س).

1 / 38