شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

أحمد بن عبد الفتاح زواوى ت. غير معلوم
94

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

الناشر

دار القمة

رقم الإصدار

-

مكان النشر

الإسكندرية

تصانيف

في معرض الحديث عن أعظم نعمة أنعمها على النبي ﷺ، وهي نعمة إنزال القرآن وذلك في أكثر من موضع بالقرآن الكريم، مثاله قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [الكهف: ١] . هـ- كما بينت الآية الحكمة والسبب في الإسراء ، أما الحكمة فهي أن يرى النبي من آيات ربه، قال تعالى: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا [الإسراء: ١]، فكل ما رآى النبي في تلك الحادثة، فهو من آيات الله، الدالة على قدرته وإعجازه. أما السبب فقد أشار الله تعالى إليه بقوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء: ١] فأشعرت الآية، أن الحدث جاء بسبب ما سمعه الله ﷿ من نبيه من دعاء، وما سمعه من الكفار من تكذيب واستهزاء، جاءت الحادثة لبيان إحاطة علم السميع البصير بحال النبي ﷺ، عند موت أحب الناس إليه، وأكثرهم عليه شفقة، وأشدهم له ناصرا ومعينا، فتأمل كم في الآية من فوائد، غير ما خفي علينا، هذا بالنسبة لثبوت الإسراء في القرآن. أما المعراج فقد قال تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) [النجم: ١٣- ١٦]، وقال تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير: ٢٣] . فالحمد لله، الذي أقر أعيننا وأسماعنا، بإكرام نبينا في الدنيا والآخرة، وأما في السنة فقد وردت أحاديث كثيرة في الحادثة بلغت بحمد الله حد التواتر، فلا يسع أحدا إنكارها أو التشكيك فيها. [فوائد الحديث] أما فوائد الحديث فلا أظن أني أستطيع الإحاطة بها؛ وذلك لكثرتها ودقتها؛ ومن ثم أورد بعضها: الفائدة الأولى: القدرة العجيبة التي منحها الله ملائكته، فجبريل ﵇، قد فرج عن سقف بيت النبي ﷺ ونزل منه، دون معول ولا خراب ولا ترميم، كما أنه أسرى وعرج بالنبي على البراق، وأراه من آيات ربه الكبرى، ثم عاد به إلى بيته بمكة، في جزء من الليل، وقد قص الله ﵎ علينا في القرآن أمثلة من ذلك، ألم تر كيف أتى جبريل ﵇ بالعرض العظيم لبلقيس ملكة سبأ، قبل أن يرتد طرف نبي الله سليمان ﵇؟ قال تعالى: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ [النمل: ٤٠]، ألم تر كيف حمل قرية لوط فجعل عاليها سافلها، قال تعالى: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ [هود: ٨٢]، وهذا ليس بمستغرب؛ لأننا لا ننظر إلى عظم المخلوق، ولكن ننظر إلى عظم الخالق ﷿، الذي خلق هذه

1 / 99