السيف اليماني لمن قال بحل سماع الآلات والمغاني

البرلسي، مصطفى بن رمضان ت. 1263 هجري
23

السيف اليماني لمن قال بحل سماع الآلات والمغاني

تصانيف

الفقه

المراد منه بحذف كثير ارتكبناه خشية السآمة ، ولو ظفرت بعبارة هذا التأليف قبل المراجعة والتعب لاشتفيت بها فإنها وافية كافية ، وفيها محاسن كثيرة تركت نقلها خوف الملل ، ومن أراد فليراجع ، ولنرجع لما نحن بصدده ، فنقول : إذا علمت هذا ظهر لك ظهور الشمس وقت الظهيرة ، إن القول بإباحة الآلات ذوات الأوتار لا وجود له في المذهب أصلا ، وأن نسبته إليه افتراء ، وتقول عليه ، وأن القول بالكراهة / مراد قائله كراهة التحريم ، وعلى 20 إرخاء العنان هو ضعيف ، وأن المذهب كله ، أو مشهوره التحريم ، وقد تقرر في هذا المذهب أنه يحرم الإفتاء بالقول الضعيف ، فلا يفتي إلا بالراجح ، أو المشهور ، كما نص على ذلك ابن فرحون في تبصرته ، والبرزلي في نوازله ، وغيرهما ، ونقلوا ذلك عن أعلام أهل المذهب ، وذكر الشيخ العدوي أنه لا يجوز القضاء ، ولا الإفتاء ، ولا العمل بالقول الضعيف ، ومعلوم أن للضرورة أحكاما تخصها ، هذا وما وقع من هذا المفتي هو عندي أدل دليل على أنه رقيق الديانة ، عديم الأمانة ، فاسد التصور ، قبيح التهور ، خال من التحصيل ، بضاعته مجرد القال والقيل ، فإنه إن كان سبق له اشتغال بكتب المذهب ، وتلقى عن أهله ، فما معنى هذا التساهل في النقل ، وترويج ما زيفوه ، والإعراض عما رجحوه ، وإن لم يسبق له اشتغال ، فما هذا التجاري على أحكام دين الله ، والإفتاء بغير علم ، وقد صرحوا بحرمة الإفتاء على من اشتغل بكتب تحتاج إلى تقييدات لا يعرفها، والأمر أظهر من أن يحتاج إلى استدلال عليه، وفي التبصرة : واعلم أنه لا يجوز للمفتي أن يتساهل في الفتوى ، ومن عرف بذلك لم يجز أن يستفتى ، والتساهل بأن يكون لا يثبت ، ويسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر والفكر ، وربما يحمله على ذلك توهمه أن الإسراع براعة ، وذلك جهل ، فلأن يبطئ ويخطئ أجمل به من أن يعجل فيضل ويضل ، وقد يكون تساهله وانحلاله بأن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحظورة ، أو المكروهة، والتمسك بالشبه طلبا للترخيص على من يروم نفعه ، أو التغليظ على من يريد ضره ، قال ابن الصلاح : ومن فعل ذلك ، فقد هان عليه دينه ، نسأل الله العفو والعافية ، وقال القرافي : لا ينبغي للمفتي أذا كان في المسألة قولان ، أحدهما فيه تشديد ، والآخر فيه تخفيف ، أن يفتي العامة بالتشديد ، والخاصة من ولاة الأمور بالتخفيف ، وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين ، والتلاعب بالمسلمين ، وذلك دليل فراغ القلب من تعظيم الله، وإجلاله ، وتقواه ، وعمارته باللعب ، وحب الرئاسة ، والتقرب إلى الخلق دون الخالق ، نعوذ بالله من صفات المنافقين . انتهى . ومن أحب الإكثار فليراجعها ، أو نحو فتاوى البرزلي .

وقوله : وغير خاف .. إلى قوله : / فسبيلها سبيل غيرها من21 المسائل الاجتهادية التي لا يتجه فيها الإنكار .

صفحة ٣٠