[87] محمد بن عائذ ، عن الوليد ، قال : فحدثني شيخ من الجند ، قال : كنت فيمن حاصر القسطنطينية ، فبلغنا من حصارها ، وبلغ منا الجوع نحوا مما سمعتم ، فوالله إنا لفي يأس من القفل إذا بمرقبة (cclii[252]) لأهل القسطنطينية على جبل ممتنع قد أوقدوا عليها ، فيشرف لذلك أهل القسطنطينية ، وراعهم فصالنا عما رأينا من تلك النار ، وعما راعهم من ذلك ، فقالوا : هذه مرقبة توقد النار للجيش يدخل من الشام ، فيوقد لها مما يلي الدرب من المراقب والمسالح إلى أن يصل القتال .. الخبر فيأتينا بذلك ، ولا يشذ أن جيشا قد أقبل منكم ، فانظروا ماذا يأتيكم به ، قال : فلم يلبث إلا أياما يسيره حتى جاءنا رسول عمر بن عبد العزيز في نحو من أربعة آلاف ، بكتاب إلى مسلمة يأمره بالقفول ، فقرأه مسلمة فلم يقفل ، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز يخبره ما قد بلغ من جهدهم ، وما أشرف من معشر المسلمين من الفرج ، بما قد قرب من حصاد ذلك الزرع ، ويشير عليه بتركهم حتى يحكم الله بينهم ، قال : فقفل رسوله بذلك إلى عمر بن عبد العزيز ، فغضب ، وقال : مسلمة في إمرة عظيمة يكره فراقها ، ورد الرسول يأمره بالقفل (ccliii[253]).
[88] ابن عايذ ، نا الوليد ، قال : حدثني من سمع زيد بن واقد (ccliv[254]) ، قال : والله إني لفي فسطاطي يوم أتانا القفل ، يعني عن القسطنطينية ، لما أقفلهم عمر بن عبد العزيز ، قد بلغ مني الجوع جهدي ، أروي ما استعنت به ، فلم أر شيئا أقرب إلي جلدة الفسطاط التي تكون على فلكة عمود الفسطاط ، قلت : أنزعها ، وأطبخها ، وألوكها ، يكون في ذلك ما كان ، ويقوم الفسطاط بغير جلدة ، إذ سمعت تكبير الناس ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : القفل ، فإن الله يعلم أن ذلك الجوع ذهب مني (cclv[255]).
صفحة ٥٥