[58] محمد بن عائذ ، قال : قال الوليد : وأخبرني غير واحد أن طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين منعة مدائن الساحل [كذا] ، كاتب أنباط جبل لبنان واللكام ، فخرجوا جراجمة فعسكروا بالجبل ، ووجه طاغية الروم فلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر ، فسار بهم حتى أرساهم بوجه الحجر ، وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان ، وبث قواده في أقصى الجبل حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود ، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل حتى لم يكن أحد يقدر يخرج في ناحية من رحا ولا غيرها إلا بالسلاح . قال الوليد : فأخبرنا غير واحد من شيوخنا أن الجراجمة (clxxxvi[186]) غلبت على الجبال كلها من لبنان وسنير(clxxxvii[187]) ، وجبل الثلج وجبال الجولان ، فكانت باسبل مسلحة لنا في الرقاد ، وعقربا الجولان مسلحة ، حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان من جبل دير المران (clxxxviii[188]) من الليل ، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا ، حتى يفرغ لهم ، وكان مشغولا بقتال أهل العراق ومصعب ابن الزبير وغيره . قال : ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر في مدينة أطرابلس يتوعده ، ويأمره بالخروج إليهم ، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم ، ويسأل عن خبرهم وأمورهم حتى بلغه أن ( فلقط ) في جماعة من أصحابه ، في قرية من قرى الجبل ، فخرج سحيم في عشرين رجلا من جلداء أصحابه ، وقد تهيأ بهيئة الروم ؛ في لباسه وهيئته وشعره وسلاحه متشبها ببطريق من بطارقة الروم قد بعثه ملك الروم إلى جبل اللكام في جماعة من الروم ، فغلب على ما هنالك ، فلما دنا من القرية خلف أصحابه ، وقال انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح ، فدخل على فلقط وأصحابه وهم في كنيسة يأكلون ويشربون ، فمضى إلى مقدم الكنيسة فصنع ما يصنعه النصارى ؛ من الصلاة والقول عند دخول كنائسها ، ثم جلس إلى فلقط ، فقال له : من أنت ؟ فانتمى إلى الرجل الذي يتشبه به ، فصدقه ، وقال له : إني إنما جئتك لما بلغني من جهاز سحيم وما اجتمع به من الخروج إليك لأخبرك به ، وأكفيك أمره إن أتاك ، ثم تناول من طعامهم ، ثم قال لفلقط وأصحابه : إنكم لم تأتوا ها هنا للطعام والشراب ، ثم قال لفلقط : ابعث معي عشرة من هؤلاء من أهل النجدة والبأس حتى نحرسك الليلة ، فإني لست آمن أن يأتيك ليلا ، فبعث معه عشرة ، وأمرهم بطاعته ، فخرج بهم إلى أقصى القرية ، وقام بهم على الطريق الذي يتخوفون أن يدخل عليهم منه ، فأقام حارسا منهم ، وأمر أصحابه فناموا، وأمر الحارس إذا هو أراد النوم أن يوقظ حارسا منهم وينام هو ، فحرس الأول، ثم أقام الثاني ، ثم قام سحيم الثالث ، ثم قال : أنا أحرس فنم ، فلما استثقل نوما قتلهم بذبابة سيفه رجلا ، رجلا ، فاضطرب التاسع ، فأصاب العاشر برجله فوثب إلى سحيم ، فاتحدا ، وصرعه الرومي ، وجلس على صدره ، واستخرج سحيم سكينا في خفة فقتله بها ، ثم أتى الكنيسة ، فقتل فلقط وأصحابه رجلا ، رجلا ، ثم خرج إلى أصحابه العشرين ، فجاء بهم فأراهم قتله من قتل من الحرس ، وفلقط ، ومن في الكنيسة ، ووضعوا سيوفهم فيمن بقي ، فنذر بهم من بقي منهم ، وخرجوا هرابا حتى أتوا سفنهم بوجه الحجر، فركبوها ، ولحقوا بأرض الروم، ورجع أنباط جبل لبنان إلى قراهم (clxxxix[189])
[59] محمد بن عائذ ، قال : وفي سنة ست وسبعين غزا عمرو بن محرز الأشجعي (cxc[190]) على الصائفة ففتح هرقلة (cxci[191]).
[60] محمد بن عائذ ، حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : وفي سنة سبع وسبعين غزا الوليد بن عبد الملك وحضر فتح صملة (cxcii[192]).
[61] ابن عائذ ، قال : وفي سنة ثمان وسبعين غزا يحيى بن الحكم مرج الشحم (cxciii[193]).
[62] محمد بن عائذ ، قال : وفي سنة إحدى وثمانين غزا عبيد الله بن مروان وفتح حصن سنان ، وأصيبت الروم (cxciv[194]) .
صفحة ٣٢