ويتكظكظ وهو أن ينتصب الإنسان عند الأكل قاعدًا كلما امتلأ بطنه. ونحو الجلهزة والتلحذ والوزم والأرغال وغير ذلك مما فسر بعضه وترك الباقي فرارًا من تكبير جرم الكتاب. والأمر الثاني ذكر محامد النساء ومذامهن فمن هذه المحامد ترقي المرأة في الدراية والمعارف بحسب اختلاف الأحوال عليها كما يظهر مما أثرت عن الفارياقية. فإنها بعد أن كانت لا تفرق بين الأمرد والمحاوق اللحية وبين البحر الملح وبحر النيل تدرّجت في المعارف بحيث صارت تجادل أهل النظر والخبرة وتنتقد الأمور السياسية والأحوال المعاشية والمعادية في البلاد التي رأتها أحسن انتقاد. فإن قيل إنه قد نقل عنها ألفاظ غربية غير مشهورة لا في التخاطب ولا في الكتب فلا يمكن أن تكون قد نطقت بها. قلت إن النقل لا يلزم هنا أن يكون بحروفه وإنما المدار على المعنى. ومن تلك المحامد أيضًا حركات النساء الشائقة وضروب محاسنهن المتنوّعة التي لم يتصوّر منها شيء إلا وذكرته في هذا الكتاب لا بل قد أودعته أيضًا معظم خواطرهن وأفكارهن وكل ما أختص بهن.
فاتحة الكتاب
هذا كتابي للظريف ظريفًا ... طَلِقَ اللسان وللسخيف سخيفا
أودعته كلما وألفاظًا حلت ... وحشوتهُ نقطًا زهت وحروفا
وبداهةً وفكاهة ونزاهة ... وخلاعة وقناعة وعُزوفا
كالجسم فيه غيرُ عضوٍ تعشق ... المستور منه وتحمد المكشوفا
فصَّلته لكن على عقلي فما ... مقياس عقلك كان لي معروفا
قعّرته بمحافر الأفكار كي ... يسع الكلام وسمته تجويفا
لفقّته وخصفته بيدي فقل ... نِعمَ الكتابُ ملفقًا مخصوفا
أفرغت فيه كل حبرٍ راقَه ... وله بريت من اليراع ألوفا
وكأنما بيدي قد نمقته ... حتى أتى مستحكمًا مرصوفا
ألّفته والليل أسود حالك ... فلذاك جاء مسخمًا مسجوفا
تبلته لك دون طاهي القوم بالرّب ... لات في تزيل منك خُلوفا
وتصخ ما بك من طُلاطلة ومن ... ضرَسٍ فتلقم بعد ذاك الفوفا
يُغنيك عن مين الطبيب وسحله ... ما من جراه تخازم الحتروفا
قد أنبتت غضراء أرض سطوره ... روضًا وجنَّات تروق وريفا
فتشمّ منها عرف كل ربحلة ... دهساء يفتن حسنها الغطريفا
وترى الملعظة الشناط بجبها ... والفارض القرطاس والسرعوفا
ووراءها وأمامها مرمورة ... وغرانق ما أن تزال أنوفا
وإذا بدت لك من خلال حروفه ... ردح وثائر فاخطبنَّ رشوفا
فإذا عجزت عن المؤونة واستقلت ... وجدت في أعقابهن الهيفا
فاختر هداك الله ما تهوى ولا ... تتراخ عن أن تدرك الحرنوفا
غيري من الوصَّاف في ذا صنفوا ... لكنهم لم يحسنوا التصنيفا
إذ كان ما قالوه مبذولًا ولم ... يتقصَّ منهم واصف موصوفا
لكن كتابي أو أنا بخلاف ذا ... نكفي الحفيَّ الحدّ والتعريفا
لا عيب فينا غير أنك لا ترى ... ضوًا لنا في فننا وحريفا
فهو اليتيم المستحيل إخاؤه ... وهو الفريد فكن عليه عطوفا
الفضل لي ولصاحب القاموس إذ ... من لجه قولي غدًا مغروفا
حلبت به رأسي خلافًا للنسا ... عامًا وكل العام كان خريفا
لكن تولد في ٣ أشهر ... وحبا على عجل وشب لطيفا
لم أدرِ رجلته أو مخطته أو ... بصقته أو ألقته ثم كنيفا
عانيت فيه من الزجير أجازك ... المولى عناء لا يُكال جزيفا
وقطعت سرته على أهل الحجى ... وعلى اسمهم لا يبرحن موقوفا
ما كان من ظئر له عندي سوى ... فكري ومع ذا خلته مسروفا
قدمًا عليه توحمت نفسي ولم ... يك شوقها عن نحوه مصروفا
ورشحتُ لذَّات قبيل نتاجه ... حتى إذا باشرت عدت نشوفا
أولدت لي ولدين لا لك ثم ذا ... لك ثالثًا لا لي فَعُلْهُ القوفا
عهدي إلى ولديَّ أن يتحدَّيا ... أسلوبه وبدفتيه يطيفا
ليؤمناه من الحريق احتمي ... أحد عليه لكونه حريفا
إني بريء منهما أن يعدلا ... عنه ويتحذا عليه حليفا
من كان يرغب فيه فهو موفق ... أو لا فقد ضلَّ السبيل وايفا
في الليل يسمع منه غطغطة ... يطيب نعاسه بدوامها وحجيفا
1 / 2