أخبرني الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: ((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء القنوت في الوتر))، فذكره مثل رواية أبي داود سواء، أخرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل من رواية محمد بن إسماعيل هذا فوقع لنا بدلا عاليا.
قلت: وفي هذا الإسناد رواية الصحابي عن الصحابي، ورواية التابعي عن التابعي، ورواية الأبناء عن الآباء.
وبه إلى الطبراني: ثنا أحمد بن واضح العسال المصري، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن جعفر، ثنا موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، عن الحسن بن علي قال: ((علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول في الوتر .. .. )) فذكر مثله سواء لكن زاد فيه: ((ولا يعز من عاديت)).
وهكذا أخرجه أبو عبد الله بن منده في معرفة الصحابة في ترجمة الحسن بن علي من طريق سعيد بن أبي مريم، وهذه الطريق أشبه بالصواب لأن محمد بن جعفر وهو ابن أبي كثير المدني أثبت وأحفظ من إسماعيل بن إبراهيم عن عقبة، ومن يحيى بن عبد الله بن سالم، فرجع الحديث إلى رواية أبي إسحاق عن بريد، عن أبي الحوراء وهو المعروف.
فهذه أدلة الوجه الثالث في قنوت الوتر، فإن هذه الروايات بظاهرها وبعمومها تدل على استحباب القنوت في الوتر مطلقا في جميع السنة، وكفى بالظاهر دليلا ولا يعارضها حديث أبي أنه: ((ما كان يقنت إلا في النصف الثاني من رمضان))؛ لضعفه ولأنه فعل صحابي، وللرأي فيه مدخل فلا احتجاج فيه.
وأما بيان تعيين محله، فلم يذكر فيما مر من الروايات، إلا أن
صفحة ٨٣