سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي
محقق
عادل أحمد عبد الموجود- علي محمد معوض
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
التاريخ
وَكَانَ الطاوس يحض الْحَيَّة على أَن تفعل فَأَخَذته فِي وبرها مختفيًا وأوقفته وَانْطَلَقت إِلَيْهِمَا وَقَالَت لَهما الطير والوحش وَالدَّوَاب بعثوني إلَيْكُمَا للتبرك بكما فَأقبل آدم وحواء نَحْو بَاب الْجنَّة فسبقتهما ووقفت مَعَ الطاوس وَأخذت إِبْلِيس فِي صَدره والطاوس إِلَى جنبها يخفي إِبْلِيس وَأَقْبل آدم ووقف على بَاب الْجنَّة وَأَقْبل إِبْلِيس يكلم آدم من حنك الْحَيَّة وهما يظنان أَنَّهَا هِيَ الَّتِي تكلمها فَقَالَ إِبْلِيس لَعنه الله أَلَيْسَ الله أَبَاحَ لَكمَا الْجنَّة تأكلان من ثمارها قَالَا بلَى إِلَّا أَنه قد نَهَانَا عَن شَجَرَة وَاحِدَة فَقَالَ صدقتما تِلْكَ شَجَرَة الْخلد والحياة وَمن أكل مِنْهَا عرف الْخَيْر وَالشَّر وعاش أبدا لم يمت وخلد فِي الْجنَّة وَمَا نهاكما إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ أَو تَكُونَا من الخالدين فَقَالَا وهما يظنان أَنه الْحَيَّة أحقًا مَا تَقُولِينَ أيتها الْحَيَّة فَقَالَ إِبْلِيس حَقًا أَقُول وَكرر الْقسم بِاللَّه إِنَّه لَهما لمن الناصحين فَقَالَ آدم كَيفَ نَأْكُل مَا نَهَانَا الله عَنهُ وأوعدنا إِن أكلنَا الْبعد عَن جواره وَقد أَبَاحَ لنا مَا فِيهِ الْكِفَايَة فَأقبل على حَوَّاء وَقد اشْتغل آدم عَن كَلَامه بِالسَّلَامِ على الطُّيُور وَجعل إِبْلِيس يحلف لَهَا وَيَقُول أقبلي مني وكلي وأطعمي آدم لتكونا مخلدين وَهِي تظن أَنَّهَا الْحَيَّة فَأَقْبَلت على آدم وَسَأَلته أَن يَأْكُل فَقَالَ يَا حَوَّاء أنسيت عهد الله إِلَيْك وإلي فِي هَذِه الشَّجَرَة فَرَجَعت عَن قَوْلهَا وَكَانَت كلما ذكرت لآدَم زجرها فانصرفا وحواء تود لَو أَن آدم طاوعها فتجره إِلَى الشَّجَرَة فيأبى فَقَالَ إِبْلِيس للحية هَل لَك أَن تعاوديني كرة أُخْرَى فأكلمهما فَفعلت فَلَمَّا دخلت بِهِ الْجنَّة وقفت فصفر صفيرًا أطرب بِهِ أهل الْجنَّة وَيسمع آدم وحواء فامتلآ سُرُورًا فَلَمَّا علم أَنه أطربهما ناح نياحةً أَحْزَن بهَا آدم وحواء فَقَالَا لَهُ وَقد نسيا ﴿وَلَقَد عهدنا إِلَى آدم مِن قَبْلُ فَنَسِيَ﴾ طه ١١٥ وَقد خرج من صدر الْحَيَّة مَالك بعد إِن أطربت عهِدت إِلَى الْحزن وَالْجنَّة لَا حزن فِيهَا وَلَا نياحة فَقَالَ صفرت وأطربت حِين سَمِعت أنكما فِي سرُور ثمَّ ذكرت أنكما تخرجان إِلَى دَار الغموم فنحت حزنا عَلَيْكُمَا فتنفس آدم ﵇ الصعداء فَقَالَ إِبْلِيس الْآن ظَفرت بِهِ وَتَركه وَمضى فاتبعته حَوَّاء مستوقفة لَهُ وَقد طمع فِيهَا بانفرادها عَن آدم فَقَالَت يَا عبد الله هَل عنْدك حِيلَة فِي الخلود فِي الْجنَّة فَقَالَ نعم فأصغت إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّك ستخرجين إِلَى دَار المذلة والتعب وَعِنْدِي لَك أَمَان من ذَلِك الشَّجَرَة الَّتِي
1 / 94