الضيق والحرج
هاهنا يتوقف الناظر ويحجم ولايدري أيتقدم أم يتأخر، التقدم مخافة والتأخر مخافة، هناك شيئان اثنان:
* قد ثبت وجوب تصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما قال، وقد قال ما أمليناه في ذكر فاطمة، وقد صح أنها ماتت مغاضبة للشيخين، وقد زاد ذلك تأكيدا رد فدك لأولادها عليها السلام.
* للشيخين مقام عند المسلمين عظيم لايتجاسر أحد من المسلمين الحوم حوله، فإن مال الناظر إلى تصديق حديث فاطمة وجد أن غضبها من غضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد ماتت وهي غاضبة على الشيخين، والتصديق بذلك قاض على مقام الشيخين، ثم اصطدم بما اشتهر عند المسلمين من وجوب تعظيمهما وتفضيلهما.
وإن مال الناظر بنفسه إلى المحافظة على مكان الخليفتين ومقامهما، وغض بصره عما يخدش في كرامتهما من السنة الصحيحة، اصطدم بآيات القرآن المحذرة من ذلك كقوله تعالى: ?فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما?، وقوله تعالى: ?وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا?، وغير ذلك كثير، هاهنا يتوقف الناظر، ويتحير المناضر.
والذي أراه لنفسي:
أن الواجب العمل بالسنة والتصديق بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لأننا مكلفون بكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم من دون استثناء دل على ذلك نصوص القرآن الكثيرة، اللهم إلا إذا كان ما ثبت عنه منسوخا.
والشيخان وإن كان لهما ما لايخفى من المكانة عند جماهير المسلمين سلفا وخلفا إلا أنه لاسواء مكانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومكانة صاحبيه.
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فكان معصوما من أن يفعل أو يقول غير الحق.
وصاحباه ليسا بمعصومين، فلا يجوز ترك السنن المعلومة الصحيحة عند علماء المسلمين من أجل المحافظة على سلامة فعل الشيخين أو غيرهما ممن لم تثبت له العصمة.
صفحة ١