الصاحبي في فقه اللغة
الناشر
محمد علي بيضون
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
باب أمَّا وإمَّا:
"أمَّا" كلمة إخبار لا بدّ فِي جوابها من "فاء". تقول: "أمّا زيد فكريم".
"وإمَّا" تكون تَخْييرًا وإباحة. نحو: إِشربْ إما ماءً وإمّا لَبنًا.
وَقَدْ تكون بمعنى الشرط، والأكثر فِي جوابها نون التوكيد. نحو: ﴿إِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا﴾ ١ و﴿قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ﴾ ٢ وَقَدْ يكون بلا "نون" نحو قوله٣:
إمّا تَرَى رأسي عَلانِي أغْثَمُهْ
ومما أوله باء بَلَى:
"بَلَى" تكون إثباتًا لمنفيّ قبلها. يقال: "أما خرج زيدٌ؟" فنقول: "بَلَى" والمعنى أنّها "بل" وُصِلَتْ بِهَا ألفٌ تكون دليلًا عَلَى كلام. يقول القائل: "أما خرج زيد؟" فتقول: "بَلَى" فـ"بل" رُجُوع عن جَحْد، و"الألف" دلالةُ كلام، كَأَنَّك قلت: "بل خرج زيد". وكذلك قوله جلّ ثناؤه: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ ٤ المعنى والله أعلم: "بل أنت ربُّنا".
بَلْ:
"بَلْ" إِضرابٌ عن الأوّل وإثباتٌ للثاني. واختلف فِيهِ أهل العربيّة. فقال قوم: جائز "مررت برجل بل حمار" وَقَدْ يكون فِيهِ الرفع أي: "بل هو حمارٌ".
والكوفيون لا يَنْسُقُون بـ"بَلْ" إِلاَّ بعد نفيٍ. قال هشام: محالٌ: "ضَرَبتُ
_________
١ سورة مريم، الآية: ٢٦.
٢ سورة "المؤمنون"، الآية: ٩٣.
٣ لسان العرب: مادة "لهز"، وفي مادة "غثم" لرجل من بني فزارة وشطره:
لهزم خدي به ملهزمه
الأغثم: الشعر غلب بياضه سواده.
٤ سورة الأعراف، الآية: ١٧٢.
1 / 103