168

الصاحبي في فقه اللغة

الناشر

محمد علي بيضون

رقم الإصدار

الطبعة الأولى ١٤١٨هـ

سنة النشر

١٩٩٧م

باب الإضمار: من سُنن العرب الإضمار. ويكون على ثلاثة أضرُب: إضمارُ الأسماء، وإضمارُ الأفعال، وإضمارُ الحروف. فمن إضمار الأسماء قولهم: "ألا يَسْلَمِي" يريدون "ألا يا هذه اسلمي". وفي كتاب الله جلّ ثناؤه ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ ١ بمعنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا. فلما لم يذكر "هؤلاء" بل أضمرهم اتصلت "يا" بقوله: "اسجدوا" فصار كأنه فعل مستقبل. ومثله قول ذي الرّمّة٢: ألا يسْلَمِي يا دار مَيٍّ على البِلَى ... ولا زال مُنهلا بِجَرْعائِك القَطْرُ وأخبرني علي بن إبراهيم عن محمد بن فرج عن سلمة عن الفرّاء سمع بعض العرب يقول: "ألا يَرْحَمْنا" يعني: ألا يا ربنا ارحمنا. ويقولون: يا هل أتاها على ما كان من حَدَثٍ و: يقولون لي يَحْلِفْ ولست بحالفٍ بمعنى: يا هذا احلِفْ. ويُضْمِرُونَ مِن الأسماء "مَنْ" فيقولون: "ما في حَيِّنا إلا له إبلُ" أي: مَنْ له إبل. و"كذبتم بني شابَ قَرْناها" أي: مَن شاب. وفي كتاب الله جلّ ثناؤه: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ﴾ ٣ أي: من له. ويضمرون "هذا" كقول حُميْد٤: أنت الهلالي الذي كانت مَرَّةً ... سمِعنا به والأرْحَبِيُّ المُعَلفُ أي: وهذا الأرحبيّ، يعني بعيره.

١ سورة النمل، الآية: ٢٥. ٢ ديوانه: ١٠٢. ٣ سورة الصافات، الآية: ١٦٤. ٤ الدرر: ١/ ٢٨٣، بلا عزو، وهمع الهوامع: ١/ ٨٧، ورصف المباني: ٢٦؛ وروايته: أأنت الهلالي الذي كنت مَرَّةً ... سمِعنا به والأريحي الملقب

1 / 176