174

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني من المجلد السابع من الكراس الخامس منه من الوجهة الأولة من رابع قائمة منها في تفسير قول الله تعالى الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك بلفظ الجبائي وعنى بقوله قال الذي عنده علم من الكتاب وهو يعنى سليمان لأنه كان عنده علم من الكتاب الذي أنزله الله عليه وعرفه معناه انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك وأراد ان يتبين للعفريت انه أقدر على أن يأتي بها منه وانه يتهيأ له سرعة الاتيان مالا يتهيأ للعفريت لأنه كان إذا سأل الله تعالى ذلك اتته به الملائكة على ما يريد في أسرع من المدة التي أخبر العفريت انه يأتي به فيها ثم سأل الله تعالى ان يأتيه بذلك على نحو ما قال فاتى الله بعرشها إليه على ما قال.

يقول على بن موسى بن طاووس: كيف خفى على الجبائي ان الذي اتاه لسليمان بعرش بلقيس غير سليمان وان مذهب عبد الله بن عباس ومجاهد ان الذين اتى بالعرش رجل من الانس كان عنده علم من الكتاب وهو اسم الله الأعظم.

أقول: الجبائي عاند ابن عباس وبلغت به العصبية إلى مخالفته في هذا المقدار والمشهور بين المفسرين ان الذي أتا بالعرش غير سليمان فقوم قالوا إنه الخضر وقال مجاهد اسمه اسطوع وقال قتادة اسمه مليخا فهذا تأويل الصدر الأول الذين هم أقرب علما بنزول القرآن يذكرون انه غير سليمان وسياق لفظ الآية يقتضى عند ذوي البصيرة والعقل ان القائل انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك غير سليمان لان الذي ادعاه الجبائي غلط ظاهر وكيف يقول سليمان للعفريت انا اتيك به وهل كان اتيان عرش بلقيس للعفريت أو هل طلب ذلك العفريت أو ادعاه لنفسه حتى يقول له سليمان انا اتيك به وإنما لو كانت الآية تضمنت انا اتى به ولم يقل اتيك به كان عسى يحتمل أن يكون القائل سليمان ولا أدرى كيف اشتبه هذا على الجبائي حتى تعثر فيه ويقال للجبائي أيضا وهل كان يشتبه على العفريت ان سليمان

صفحة ١٧٤