الهية خيرة وهي المسماة بصالحى الجن وقد تكون كدرة شريرة وهي الشياطين كذا في تفسير الفاتحة للفنارى والظاهر ان المراد بالشيطان إبليس وأعوانه وقيل عام في كل متمرد عات مضل عن الجادة المستقيمة من جن وانس كما قال الله تعالى شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ الرجيم اى المرمى من السموات بإلقاء الملائكة حين لعن او المرمى بشهب السماء إذا قصدها وهذه صفة مذمومة للشيطان وله في القرآن اسماء مشئومة وصفات مذمومة فاجمع مساويه هو الرجيم لانه جامع لجميع ما يقع عليه من العقوبات فلذلك خص به الابتداء من بين تلك الأسماء والصفات يقال ظهور حقيقة الاستعاذة لا يمكن بمجرد القول بل لا بد من حضور القلب وموافقة القول بالحال والفعل وان لا يقول لسانك أعوذ بالله وفعلك وحالك أعوذ بالشيطان وذلك بمشاركة النفس مع الشيطان في ارتكاب المعاصي والطغيان واستعاذة العارف من رؤية غير الله تعالى وحجاب الكثرة فان الشيطان يهرب من نور العارف- حكى- ان أبا سعيد الخراز قدس سره رأى إبليس في المنام فاراد ان يضربه بالعصا فقال يا أبا سعيد انا لا أخاف من العصا وانما أخاف من شعاع شمس المعرفة إذا طلعت من سماء قلب العارف قالوا فى الاستعاذة من الشيطان اظهار الخوف من غير الله وهو يخل بالعبودية قلنا اتخاذ العدو عدوا تحقيق للمحبة والفرار من غير الله الى الله تتميم للعبودية والامتثال لامر الله تقديم للطاعة والخوف ممن لا يخاف الله اظهار للمسكنة كما قيل أخاف من الله اى من عذابه وغضبه وأخاف ممن يخاف الله اى من سوء دعائه وأخاف ممن لا يخاف اى من سوء أفعاله: قال المولى جلال الدين قدس سره
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست
وفي التفسير الكبير ان أعوذ بالله رجوع من الخلق الى الخالق ومن الحاجة التامة لنفسه الى الغنى التام بالحق في تحصيل كل الخيرات ودفع كل الآفات ففيه سر فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وفيه دلالة ان لا وسيلة الى القرب من حضرة الرب الا بالعجز والعجز منتهى المقامات قال الحسن من استعاذ بالله على وجه الحقيقة وهو ما يكون بحضور القلب جعل الله بينه وبين الشيطان ثلاثمائة حجاب كل حجاب كما بين السماء والأرض وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال خرج النبي ﵊ ذات يوم من المسجد فاذا هو بإبليس فقال له النبي (ما الذي جاء بك الى باب مسجدى) قال يا محمد جاء بي الله قال (فلم ذا) قال لتسألنى عما شئت فقال ابن عباس رضى الله عنهما فكان أول شىء سأله الصلاة فقال له (يا ملعون لم تمنع أمتي عن الصلاة بالجماعة) قال يا محمد إذا خرجت أمتك الى الصلاة تأخذنى الحمى الحارة فلا تندفع حتى يتفرقوا وقال ﵇ (لم تمنع أمتي عن العلم والدعاء) قال عند دعائهم يأخذنى الصمم والعمى فلا يندفع حتى يتفرقوا وقال ﵇ (لم تمنع أمتي عن القرآن) قال عند قرائتهم اذوب كالرصاص قال (لم تمنع أمتي عن الجهاد) قال إذا خرجوا الى الجهاد يوضع على قدمى قيد حتى يرجعوا وإذا خرجوا الى الحج اسلسل واغلل حتى يرجعوا وإذا هموا بالصدقة توضع على رأسى المناشير فتنشرنى كما ينشر الخشب والشيطان مسلط على طبيعة بنى آدم
1 / 5