481 رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين صلوات الله عليه تأليف العلامة الأريب والفاضل الأديب السيد علي خان الحسيني الحسني المدني الشيرازي قدس سره 1052 - 1120 ه. ق الجزء الأول مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
صفحة ١
الكتاب: رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (عليه السلام) تأليف: العلامة الأريب السيد علي خان المدني الشيرازي المحقق: فضيلة السيد محسن الحسيني الأميني الموضوع: معارف إلهية اللغة: عربي عدد الأجزاء: 6 أجزاء عدد الصفحات: 568 الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة الطبع: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي
صفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته محمد وآله الطاهرين.
إن الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - تعتبر من أهم المعادن الإلهية التي لقبت ب «إنجيل أهل البيت وزبور آل محمد» صلوات الله عليهم أجمعين وهي التي قيل في حقها أنها أخت القرآن المشتملة على مضامين فاخرة في شتى المواضيع المختلفة بأسلوب الدعاء التي تهز كل فاجر وعنود جائر لا سيما في ذلك الظرف الحرج الذي عاش الإمام عليه السلام فيه أي في عصر الظلم والقتل والتشريد من قبل السلطة الجائرة الظالمة من بني أمية فأصبحت هذه الصحيفة سببا للهداية والإرشاد ووسيلة للاتصال بين العبد وربه.
ولأهمية هذا الأثر المقدس قام عدة من علماء الإسلام بشرح فصوله وأبوابه منهم الفاضل النبيل والعلامة الأديب السيد علي خان الحسني الحسيني المدني الشيرازي - قدس سره - فقد شرحه شرحا وافيا جامعا يرتوي به كل ظمآن لتلك المعارف الإلهية والمسائل العقائدية والعرفانية والاجتماعية وغيرها.
وقد قامت المؤسسة بطبعه ونشره بعد مقابلته مع عدة نسخ خطية واستخراج النصوص من مصادرها خدمة للأمة الإسلامية شاكرة الله سبحانه على ما وفقها لهذه الخطوة الجبارة الكريمة، كما وتشكر سماحة فضيلة السيد محسن الحسيني الأميني وسائر الأخوة من أهل الفضل والعلم على ما بذلوا من الجهود الوافرة في تحقيق الكتاب سائلة المولى عز اسمه التوفيق لنشر ما يرضاه انه ولي حميد.
مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ب «قم المشرفة»
صفحة ٣
المقدمة:
- تمهيد - نسبه الشريف - ولادته ونشأته - وفاته - أقوال العلماء فيه - تقاريض كتاب رياض السالكين - مؤلفاته - تأثر السيد ابن معصوم بالشيخ البهائي - رياض السالكين ونسخه - منهج التحقيق
صفحة ٤
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطاهرين.
قال تعالى: قل ما يعبؤا بكم ربي لو لا دعاؤكم (1).
الدعاء: وسيلة الارتباط بالله تعالى ومنهاج التربية لتأصيل شخصية المسلم وتهذيب أخلاقه وسلوكه، وسلما للترقي بالإنسان إلى مدارج الكمال، والانعتاق من كل ألوان العبودية لغير الله تعالى.
ونتيجة لهذا الدور الخطير للدعاء، لم يغفل النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام عن ذلك، بل خلفوا لنا تراثا فريدا، ثر العطاء لا غناء للبشرية عنه على مر العصور.
والصحيفة السجادية: مجموعة من الأدعية المأثورة عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو الرابع من أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وقد اشتهرت هذه الصحيفة ب «زبور آل محمد» و «إنجيل آل محمد» كما سماها العلامة ابن شهرآشوب في «معالم العلماء».
ولم يقتصر دور الصحيفة السجادية على كونها تراثا ربانيا ومدرسة أخلاق
صفحة ٥
ومشعل هداية، بل أنها تعبر أيضا عن عمل اجتماعي عظيم، كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام (عليه السلام).
ونظرا للأهمية البالغة للصحيفة السجادية، فقد ألف العلماء حولها شروحا كثيرة، ذكر صاحب الذريعة منها سبعة وأربعين شرحا.
وهذا الكتاب - الذي بين يديك - أحد الشروح الكاملة والرئيسية للصحيفة السجادية، نسأل الله تبارك وتعالى أن يكون تحقيق وطبع هذا الكتاب بهذه المزايا الخاصة فاتحة عهد جديد للاهتمام بالصحيفة السجادية وبما يليق بعلو شأنها ومنزلتها، وأن يبادر أهل العلم والثقافة إلى تأليف الدراسات وعقد المؤتمرات العلمية والفكرية وتأسيس دار خاصة بالصحيفة السجادية كما كان الحال بالنسبة إلى نهج البلاغة.
نسبه الشريف:
هو السيد علي خان صدر الدين المدني الشيرازي المعروف بابن معصوم، بن الأمير نظام الدين أحمد، بن محمد معصوم، بن أحمد نظام الدين، بن إبراهيم، بن سلام [الله] (1)، بن مسعود عماد الدين، بن محمد صدر الدين، بن منصور غياث الدين، بن محمد صدر الدين، بن إبراهيم شرف الدين (2)، بن محمد صدر الدين، بن إسحاق عز الدين، بن علي ضياء الدين، بن عرب شاه فخر الدين، بن الأمير عز الدين أبي المكارم (3)، بن الأمير خطير الدين (4)، بن الحسن شرف الدين أبي علي بن الحسين أبي جعفر العزيزي، بن علي أبي سعيد النصيبيني، بن زيد الأعشم أبي
صفحة ٦
إبراهيم، بن علي، [بن الحسين أبي شجاع الزاهد] (1) بن محمد أبي جعفر، بن علي (2)، بن الحسين، بن جعفر أبي عبد الله، بن أحمد نصير الدين السكين النقيب، بن جعفر أبي عبد الله الشاعر، بن محمد أبي جعفر بن محمد، بن زيد الشهيد، بن الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين السبط، بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام (3).
ولادته ونشأته:
ولد رحمه الله ليلة السبت الخامس عشر من جمادى الأولى سنة 1052 ه في المدينة المنورة (4)، ولذا لقب بالمدني، ونشأ وترعرع فترة طفولته وصباه فيها وبجوار مكة المكرمة، وقد سافر أبوه الفاضل الأديب السيد نظام الدين أحمد إلى حيدرآباد في الهند بطلب من السلطان عبد الله قطب شاه حيث زوجه ابنته، وبقي السيد ابن معصوم في أحضان والدته، وهي كما في المحكي عن سلافة العصر (5) ابنة الشيخ محمد بن أحمد المنوفي، إمام الشافعية بالحجاز المتوفى سنة 1044 ه، وقال صاحب رياض العلماء (6) نقلا عن المترجم له بخط بعض الأفاضل من سلسلة السيد المدني في طي بعض المواضع حيث قال: «وأما نسبي من جهة الأم فأكون ابن القانتة بنت غياث الحكماء بن صدر الحكماء».
صفحة ٧
وقد اشتغل السيد ابن معصوم (قدس سره) خلال فترة صباه بطلب العلم (1) إلى أن سافر إلى حيدرآباد بطلب من والده، إذ غادر مكة المكرمة في ليلة السبت السادس من شهر شعبان سنة 1066 ه، فوصل إلى حيدرآباد يوم الجمعة لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة 1068 ه كما هو المحكي عن سبحة المرجان (2).
وظل السيد علي خان في رعاية والده الطاهر في حيدرآباد إلى أن توفى أبوه سنة 1086 ه (3).
وفي المحكي عن سبحة المرجان (4)، إن السيد المدني أمضى في حيدرآباد ثمان عشرة سنة، اغترف خلالها العلم، خاصة من رواد مجلس أبيه الذي كان منتدى يلتقي فيه العلماء والأدباء، وخلال هذه الفترة ألف كتاب الحدائق الندية في شرح الصمدية، وفي ختام الكتاب قال كلاما يوحي ببعض ملامح العصر الذي عاش فيه خلال تلك الفترة حيث قال: «وكان الفراغ من تبييض هذا الشرح المبارك مع تشويش البال وكثرة الهم والبلبال، وكوني في زمان وبلاد قد كسدت فيها سوق الفضل وطلابه، وقامت دولة الجهل وأحزابه، فلم يعرف من العلم الا اسمه، ولم يبق منه أثر. ولولا أن خشيت المبالغة قلت: إلا رسمه، صبيحة يوم الاثنين لثلاث عشرة خلون من جمادى الآخرة إحدى شهور سنة تسع وسبعين وألف، أحسن الله ختامها وأكمل على أحسن نسق نظامها وذلك بالديار الهندية» (5).
وتولى خلال هذه المدة مناصب هامة في الدولة إلى أن توفى والده سنة
صفحة ٨
1086 ه، وتوفى بعده السلطان عبد الله قطب شاه.
أما سبب خروجه من حيدرآباد فالمحكي عن سبحة المرجان: «لما علم أن خصوم أبيه يدبرون المكائد للقضاء عليه خرج من حيدرآباد سرا متوجها إلى السلطان محمد أورنك زيب شاه في (برهان پور) فجدوا في طلبه ولكنهم لم يلحقوا به، وإلى هذه الحادثة يشير بقوله:
وحثوا الجياد السابحات ليلحقوا * وهل يلحق الكسلان شأو أخي المجد فساروا وعادوا خائبين على رجا * كما خاب من قد بات منهم على وعد (1).
وأما في المستدرك فقد ذكر أن السيد المدني (قدس سره) وصل برهان پور باستدعاء من السلطان ولاقاه هناك (2). بينما المذكور في روضات الجنات هكذا «ثم لما غلب أورنگ زيب ملك الهند على تلك البلاد سار إلى الملك المذكور، وصار من أعاظم أمراء دولة هذا السلطان» (3).
ومهما كان السبب الذي دعا السيد ابن معصوم إلى ترك حيدرآباد والتوجه إلى برهان پور، فالمتفق عليه أنه (قدس سره) عند وصوله إلى السلطان رحب به، وقلده قيادة كتيبة من الجيش تعدادها ألف وثلاثمائة فارس، وأعطاه لقب (الخان) فعرف بالسيد علي خان، واصطبحه معه إلى أورنك آباد، ولما ذهب السلطان إلى بلدة ( أحمد نكر) عينه حارسا على أورنگ آباد فأقام فيها مدة، ثم جعله واليا على حكومة «ماهور» وتوابعها، ثم استعفى من منصبه بعد أن قضى فيها مدة طويلة، ثم ولي رئاسة الديوان في (برهان پور) وأشغل فيها منصة الزعامة مدة سنين، واستمر بعسكر ملك الهند حتى سنة 1114 ه.
وفي أول هذه الفترة ألف كتابه «أنوار الربيع في أنواع البديع» وفي ختامه
صفحة ٩
يشرح شيئا من حاله وظرفه الذي عاش فيه خلال هذه المدة فيقول رحمه الله: «ومن أحسن الاتفاق أن جاء تاريخ عام التمام، موافقا لحساب طيب الختام، وهو عام ثلاث وتسعين وألف، وقد وفق الله سبحانه للشروع فيه والفراغ منه في وقت لا يتصور فيه صحبة قلم لبنان، ولا يتخيل فيه تصور مسألة في جنان، بل لا تقع العين الا على لمع مهند وسنان، ولا تصحب اليدين إلا قائم حسام، وجديل عنان، وذلك حين المرابطة بثغر العدو من الديار الهندية، والمنازلة لمنازلهم في كل صباح وعشية، والسمع لا يعي إلا صارخا: يا خيل الله اركبي، أو صائحا لما دهمه: يا غلام قرب مركبي» (1).
وفي سنة 1114 ه حيث طلب من السلطان إعفاءه والسماح له مع عائلته بزيارة الحرمين الشريفين فأذن له، فغادر الهند بعد أن قضى فيها ست وأربعون عاما، وفي هذه الفترة أيضا ألف كتابه النفيس «رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين» خلال اثنا عشر عاما، وفي ختام كتابه هذا يقول مشيرا إلى الظروف والأوضاع التي كتب خلالها شرحه المذكور فقال: «تم الشرح المسمى برياض السالكين لتسع بقين من شوال المبارك سنة ست ومائة وألف والله الحمد» (2) ثم قال: «والثقة باعدادهم (أي أهل البيت) كنت آيسا من إكماله وإتمامه واجتلاء بدره من أفق تمامه، وذلك لما منيت به بعد الشروع فيه من تقحم أخطار وأهوال، وتقلب شؤون وأحوال، وتجشم تنقلات وأسفار، وقطع مهامه وقفار.
لا أستقر بأرض أو أسير إلى * أخرى بشخص قريب عزمه نائي يوما بخروى ويوما بالعقيق * ويوما بالعذيب ويوما بالخليصاء وتارة أنتحي نجدا وآونة * شعب العقيق وطورا قصربتماء واني مع تفاقم شروى هذه المصائب، يسدد لمثل هذا الغرض سهم صائب، ومتى يتسع مع مثل هذه الأخطار فراغ خاطر لمطالعة أسفار ومراجعة
صفحة ١٠
قماطر، لولا ما ذكرت من أسعافهم عليهم السلام» (1).
وبعد أن غادر الهند توجه إلى مكة المكرمة، فأدى مناسك الحج كما في آخر النسخة الحجرية لكتاب أنوار الربيع (2)، ثم قصد المدينة المنورة فتشرف بزيارة قبر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وقبور أئمة البقيع (عليهم السلام)، ثم عرج على العراق فحظى بزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء.
ثم توجه إلى إيران لزيارة مرقد الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان، رحل بعدها إلى أصفهان عاصمة الدولة الصفوية آنذاك، فوصلها سنة 1117 ه في عهد السلطان حسين الصفوي فأكرمه السلطان وعظمه (3)، وقد أهدى السيد المدني كتاب «رياض السالكين» إلى السلطان حسين الصفوي فمجده وأطراه فيه بعبارات قل نظيرها (4).
وبعد أن أقام في أصفهان سنين، لم يجد في العاصمة المقام الذي ترتاح إليه نفسه، اختار مدينة شيراز مقرا لسكناه كما هو المحكي عن سبحة المرجان (5).
وأصبحت شيراز محط رحله الأخير، وأقام بالمدرسة المنصورية التي بناها جده العلامة غياث الدين منصور، فكان في شيراز زعيما مدرسا مفيدا (6)، ومرجعا للفضلاء (7).
وانصرف بكليته للتدريس والتأليف، ولكن لم يمده الأجل إلا سنوات قليلة.
* * *
صفحة ١١
وفاته:
توفي السيد علي خان (رحمه الله) سنة 1120 ه (1) على أرجح الروايات في شيراز وفي المحكي عن سبحة المرجان (2) إن وفاته رحمه الله سنة 1117 ه، وفي رياض العلماء لمؤلفه الميرزا الأصفهاني المعاصر للمترجم له قال: «حل به [أي السيد المدني قدس سره] الموت في شيراز في شهر ذي القعدة سنة 1118 ه» (3).
وفي سفينة البحار: «وتوفي رحمه الله سنة 1119 ه» (4).
ودفن بحرم السيد أحمد بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام الملقب بالشاه چراغ عند جده غياث الدين بن منصور .
أقوال العلماء فيه:
قال المحدث الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة في ترجمة السيد ابن معصوم:
«من علماء العصر، عالم فاضل ماهر، أديب شاعر» (5).
وقال العلامة محمد باقر الخوانساري: «السيد النجيب والجواهر العجيب، والفاضل الأديب، والوافر النصيب، وكان من أعاظم علمائنا البارعين، وأفاخم نبلاءنا الجامعين، صاحب العلوم الأدبية والماهر في اللغة العربية، والناقد لأحاديث الإمامية، والمقدم في مراتب السياسات المدنية، والرياسات الدنيوية والدينية» (6).
صفحة ١٢
وقال المحدث الشيخ عباس القمي: «السيد النجيب والجوهر العجيب، الماهر الأديب، والمنشئ الكاتب الكامل الأريب، الجامع لجميع الكمالات والعلوم والذي له في الفضل والأدب مقام معلوم، الذي إذا نظم لم يرض من الدر إلا بكباره، وإذا نثر فكالأنجم الزهر بعض نثاره، حائز الفضائل عن أسلافه السادة الأماثل، صاحب المصنفات الرائعة والمؤلفات الفائقة» (1).
وقال العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب الغدير: «من أسرة كريمة طنب سرادقها بالعلم والشرف والسؤدد، ومن شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين، اعترقت شجونها في أقطار الدنيا من الحجاز إلى العراق إلى إيران، وهي مثمرة يانعة حتى اليوم، يستبهج الناظر إليها بثمرها وينعه، وشاعرنا صدر الدين من ذخائر الدهر، وحسنات العالم كله، ومن عباقرة الدنيا، فني كل فن، والعلم الهادي لكل فضيلة، يحق للأمة جمعاء أن تتباهى بمثله، ويخص الشيعة الابتهاج بفضله الباهر، وسؤدده الطاهر، وشرفه المعلى، ومجده الأثيل، والواقف على آيات براعته، وسور نبوغه - الا وهو كل كتاب خطه قلمه، أو قريض نطق به فمه - لا يجد ملتحدا عن الإذعان بإمامته في كل تكلم المناحي، ضع يدك على أي سفر قيم من نفثات يراعه، تجده حافلا ببرهان هذه الدعوى، كافلا لإثباتها بالزبر والبينات» (2).
وقال صاحب خلاصة الأثر: العالم الفاضل المحبي في كتابه نفحة الريحانة:
«القول فيه إنه أبرع من أظلته الخضراء وأقلته الغبراء، وإذا أردت علاوة في الوصف قلت: هو الغاية القصوى والآية الكبرى، طلع بدر سعده فنسخ الأهلة، وأنهل سحاب فضله فأخجل السحب المنهلة» (3).
صفحة ١٣
وقال العلامة السيد عباس بن علي نور الدين الموسوي المكي صاحب كتاب نزهة الجليس : «إمام الفضل والأدب، والعلم الموروث والمكتسب، فاضل لا تسجع الحمائم بدون نسيبه، ولا يترنم المحب الهائم بسوى غزله في حبيبه، شعره كثير الفنون، ونثره سلوة المحزون، له المعاني العجيبة الأنيقة، والألفاظ البليغة الرقيقة» (1).
وقال صاحب كتاب سبحة المرجان السيد غلام علي آزاد: «هو من مشاهير الأدباء، وصناديد الشعراء، بيته بشيراز بيت العلم والفضل، والمدرسة المنصورية بشيراز منسوبة إلى جدهب الميرغياث الدين منصور، وهو مشهور مستغن عن البيان» (2).
وقال صاحب كتاب حديقة الأفراح الشيخ أحمد بن محمد بن علي الأنصاري اليمني: «السيد الجليل علي الصدر بن أحمد نظام الدين المدني صاحب سلافة العصر، وهو الإمام الذي لم يسمح بمثله الدهر» (3).
وقال العلامة ميرزا محمد علي مدرس بعد عبارات الثناء والإطراء «كل كتاب من تأليفاته الظريفة برهان قاطع وشاهد ساطع على علو درجاته العلمية، وحدة ذهنه، ودقته، وفطانته» (4).
وقال العلامة الميرزا عبد الله الأصفهاني صاحب رياض العلماء - وهو من المعاصرين للمترجم له - «وبالجملة السيد علي خان المذكور من أجلة الأولاد البعيدة للأمير صدر الدين محمد الشيرازي الدشتكي المعروف المعاصر للعلامة الدواني، وهو أدام الله فضائله من أكابر الفضلاء في عصرنا هذا» (5).
صفحة ١٤
وقال صاحب المستدرك السيد محمد رضا النوري: «المتبحر الجليل السيد علي خان الشيرازي المدني شارح الصحيفة والصمدية الذي يروي عن أبيه عن آبائه عن الإمام (عليه السلام)» (1).
تقاريض كتاب رياض السالكين:
قال السيد محسن الأمين صاحب أعيان الشيعة: «شرح الصحيفة السجادية مطبوع مشهور، سماه رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، ولم يؤلف في شروحها مثله» (2).
وقال الميرزا عبد الله الأصفهاني صاحب الرياض العلماء: «وله أيضا شرح الصحيفة الكاملة كما أشرنا إليه آنفا، وقد جعله باسم سلطان عصرنا الشاه سلطان حسين الصفوي، وهو شرح كبير جدا من أحسن الشروح وأطولها، وقد أورد فيه فوائد غزيرة من كتب كثيرة غريبة عزيزة، وقد سماه رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، وقد صدر شرح كل دعاء من أدعية هذه الصحيفة بخطبة وديباجة على حدة ظريفة، وقد أودع في هذا الشرح فوائد كثيرة وفرائد غزيرة، وبسط الكلام فيه، ونقل أقوال سائر الشراح والمحشين وتعصب فيه للشيخ البهائي من بين الشراح، وطول البحث في أكثر العلوم ولا سيما في العلوم العربية» (3).
وقال المحدث الشيخ عباس القمي: «وشرح الصحيفة السجادية ينبئ عن طول باعه، وكثرة اطلاعه وإحاطته بالعلوم» (4).
وقال العلامة عبد الحسين الأميني صاحب الغدير: «رياض السالكين في شرح الصحيفة الكاملة السجادية، كتاب قيم يطفح العلم من جوانبه، وتتدفق
صفحة ١٥
الفضيلة بين دفتيه، فإذا أسمت فيه سرح اللحظ فلا يقف إلا على خزائن من العلم والأدب موصدة أبوابها، أو مخابئ من دقائق ورقائق لم يهتد إليها أي ألمعي غير مؤلفه الشريف المبجل» (1).
مؤلفاته:
1 - سلافة العصر: ترجم فيها لأدباء القرن الحادي عشر، وشرع في تأليفه في بلاد الهند في أواخر سنة 1081 ه، وفرغ منه في شهر ربيع الثاني سنة 1082 ه.
والكتاب يشمل خمسة أقسام:
الأول: محاسن أهل الحرمين.
الثاني: محاسن أهل الشام ومصر.
الثالث: محاسن أهل اليمن.
الرابع: محاسن أهل العجم والعراق.
الخامس: محاسن أهل المغرب (2). وهو مطبوع مرتين: الأولى سنة 1328 ه والثانية في إيران سنة 1387 ه.
2 - سلوة الغريب وأسوة الأديب: وهي رحلته إلى حيدرآباد في الهند، سنة 1066 ه.
3 - الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة: وقد رتبة على اثني عشر طبقة (الأولى) في الصحابة (الثانية) في التابعين (الثالثة) في المحدثين الذين رووا عن الأئمة عليهم السلام (الرابعة) في العلماء (الخامسة) في الحكماء والمتكلمين (السادسة) في علماء العربية (السابعة) في السادة الصفوية (الثامنة) في الملوك والسلاطين (التاسعة) في الأمراء (العاشرة) في الوزراء (الحادية عشر) في الشعراء
صفحة ١٦
(الثانية عشر) في النساء (1).
وقد عثر على قسم من هذا الكتاب وطبع في النجف سنة 1382 ه.
4 - أنوار الربيع في أنواع البديع: فرغ من تأليفه سنة 1093 ه.
وهو شرح لبديعيته 147 بيتا، نظمها في اثنتي عشرة ليلة.
وقد طبع الكتاب طبعته الأولى في النجف سنة ه 1389.
5 - الكلم الطيب والغيث الصيب في الأدعية المأثورة عن النبي وأهل البيت (عليهم السلام): لم يتمه. وعن رياض العلماء: أنه لا يخلو من فوائد جليلة (2).
6 - رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين.
7 - الحدائق الندية في شرح الصمدية: فرغ من تأليفه سنة 1079 ه.
قال عنه السيد محسن الأمين: «وهو شرح لم يعمل مثله في علم النحو، نقل فيه أقوال جميع النحاة من كتب كثيرة» (3).
8 - شرحان أيضا على الصمدية: المتوسط والصغير، ذكرهما صاحب الغدير (4). وعنوان الشرح الصغير: الفرائد البهية في شرح الفوائد الصمدية.
9 - موضح الرشاد في شرح الإرشاد: كتاب في النحو.
10 - رسالة في أغلاط الفيروزآبادي في القاموس: قال عنها صاحب رياض العلماء: وهي رسالة حسنة (5).
11 - التذكرة في الفوائد النادرة، قال عنه صاحب روضات الجنات:
«والظاهر إنه غير كتابه الذي وسمه بالمخلاة» (6).
صفحة ١٧
12 - المخلاة: وهو على نحو مخلاة الشيخ البهائي.
13 - الزهرة في النحو.
14 - نغمة الأغان في عشرة الاخوان: أرجوزة ذكرها برمتها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ج 1، ص 67، عدد أبياتها 693 بيتا، نظمها في برهان پور بالهند سنة 1104 ه (1).
15 - رسالة في المسلسلة بالآباء: شرح فيها الأحاديث الخمسة المسلسلة بآبائه فرغ منها سنة 1109 ه.
16 - ملحقات السلافة: ذكرها صاحب الغدير وقال عنها: بأنها مشحونة بكل أدب وظرافة (2).
17 - الطراز الأول فيما عليه من لغة العرب المعول: كتاب في اللغة كبير، قال عنه العلامة الأميني: «اشتغل بتأليفه إلى يوم وفاته ولم يتم خرج منه قريب من النصف قيل: إنه أحسن ما كتب في هذا الموضوع ذكر فيه كل ما يتعلق باللفظة المبحوث عنها حتى القصص والأغاني والقواعد المستنبطة لأساتيذ هذا الفن من كل مكان وجدت منه نسخة إلى باب الصاد المهملة» (3).
18 - رسالة سماها نفثة المصدور: نوه عنها المؤلف في باب الكلام الجامع من كتابه أنوار الربيع حيث قال: «وقد عقدت لكل من ذم الزمان وذم أبناءه فصلا في (نفثة المصدور) وذكرت فيهما من النثر والنظم ما يشفي الصدور» (4).
19 - كتاب محكم القريض: أشار إليه المؤلف في باب المغايرة من كتابه أنوار الربيع فقال «وقد أمليت كتابا لطيفا، وديوانا طريقا في مقاصد الشعر، ترجمته
صفحة ١٨
ب «محك القريض» أوردت فيه من مدح الشعر والشعراء ما فيه مقنع لمن كان منه بمرأى ومسمع والله الموفق» (1).
20 - ديوان شعر: قال عنه العلامة الأميني: «مخطوط في 183 صفحة متوسطة توجد منه عدة نسخ في العراق. وأكثره مراسلات ومدائح في أبيه وفيه عرسيات كثيرة» (2).
تأثر السيد ابن معصوم بشخصية الشيخ البهائي قدس سره:
قال السيد المدني في مقدمة شرحه لكتاب الفوائد الصمدية للشيخ البهائي ما نصه: «شيخنا الإمام العلامة، والهمام القدوة الفهامة، سيد العلماء المحققين، سند العظماء المدققين، نادرة دهره وزمانه، باقعة عصره وأوانه، ملاذ المجتهدين وشرفهم، بحر أولي اليقين ومعترفهم، شيخنا ومولانا بهاء الدين العاملي سقى الله ثراه وجعل بحبوبة الفردوس مثواه» (3).
وقال أيضا في كتابه سلافة العصر في ترجمة الشيخ البهائي والذي ألفة في وقت مبكر من حياته مما يدل على عظم تأثره بهذا العالم العظيم منذ حداثة سنه فيقول:
«علم الأئمة الأعلام، وسيد علماء الإسلام، وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه، وفحل الفضل النابحة لديه أفراده وأزواجه، وطود المعارف الراسخ، وفضاؤها الذي لا تحد له فراسخ، وجوادها الذي لا يؤمل له لحاق، وبدرها الذي لا يعتريه محاق، الرحلة التي ضربت إليه أكباد الإبل، والقبلة التي فطر كل قلب على حبها وجبل. هو علامة البشر ومجدد دين الأمة على رأس القرن الحادي عشر، إليه انتهت رئاسة المذهب والملة، وبه قامت قواطع البراهين والأدلة، جمع فنون العلم فانعقد
صفحة ١٩
عليه الإجماع، وتفرد بصنوف الفضل، فبهر النواظر والأسماع، فما من فن إلا وله فيه القدح المعلى، والمورد العذب المحلى، إن قال لم يدع قولا لقائل، أو أطال لم يأت غيره بطائل» (1).
وقد حاول السيد المدني أن يقلد الشيخ البهائي في كتبه فألف كتابه (المخلاة) على منوال كتاب (المخلاة) للشيخ البهائي، وكتابه (التذكرة في الفوائد النادرة) على ضوء كشكول الشيخ البهائي، بالإضافة إلى شروحه الثلاث على كتاب (الفوائد الصمدية) الأول المسمى بالحدائق الندية الذي مرت الإشارة إليه آنفا، والشرحان الآخران متوسط وصغير.
كما تأثر السيد المؤلف كثيرا في شرحه هذا على الصحيفة السجادية بشرح الشيخ البهائي على هذه الصحيفة في أسلوب البحث ومنهجته، ولأن شرح الشيخ البهائي (قدس سره) المسمى ب «حدائق الصالحين» لم يتمه، بل لم يشرح منه سوى بعض الأدعية، والموجود منه الآن شرح الدعاء عند رؤية الهلال وأسماه بالرسالة أو الحديقة الهلالية. وقد التفت إلى ذلك صاحب الرياض فقال: «وبسط الكلام فيه «أي في رياض السالكين» ونقل أقوال سائر الشراح والمحشين وتعصب فيه للشيخ البهائي من بين الشراح» (2)، وتنبه إلى ذلك أيضا العلامة الأميني فقال:
«وسمى كل روضة منه باسم خاص بها، ولها خطبة مستقلة كما فعل البهائي في حدائق الصالحين» (3).
قال صاحب الغدير في الحديث حول «حدائق الصالحين» للشيخ البهائي:
«جعل شرح كل دعاء في حديقة وقد خرج شرح عدة من حدائقة وكانت موجودة في المشهد الرضوي في عصر العلامة المجلسي، كما ذكره بعض معاصريه أو تلاميذه
صفحة ٢٠