دَعِ الأَطلالَ يَندُبْها السَّويُّ ... ويَبْكِ على مغانيها الوَليُّ
وتَرقُشْها السَّواري والسَّوافي ... كما رَقَشَتْ مَهارِقَها الدَّوِيُّ
وتقولُ: أدويتُ دَواةً أي: اتخذتُ دواةً وأنا مُدوٍ.
وإذا أمرتَ غيرَكَ قلتَ: إِدوِ يا فُلانُ.
ويُقالُ للذي يبيع الدَّويَّ: دَوَّاء كقولك: تَبَّان وشَعَّار وخيَّاط.
ويُقالُ للذي يعمل الدَّوِيَّ: مُدوٍ كما يُقالُ للذي يصلحُ القَنَا: مُقنٍ. قال الرَّاجزُ:
كما أقامَ دَرءَها المُقَنِّي
ويُقال للذي يحمل الدَّواة: داوٍ كما يُقال للذي يحملُ السَّيفَ: سائف، والذي يحملُ الرُّمحَ: رامح، والذي يحملُ التُّرسَ تَارِس.
الليقَة
يُقالُ للصُّوفةِ والقُطنَةِ التي تكونُ في الدَّواة: لِيقة وتجمع أَليَاقًَا. وإنَّما سُمِّيَت: لِيقة؛ لأنَّها تَحبِسُ ما جُعِلَ فيها من السواد وتُمسكُهُ، مأخوذ من قولهم: "فلانٌ ما تَليقُ كَفُّهُ دِرهَمًَا" أي: ما تحبسه فتمسكه. وكفٌّ ما يليقُ بها درهمٌ أي: ما تحبس ولا تستمسك. قال الرَّاجزُ:
كفَّاكَ: كَفٌّ مَا تليقُ دِرهَمًا
جُوادًا، وكَفٌّ تُعطِ بالسَّيفِ الدَّما
وروى أبو العبَّاس محمد بن يزيد المُبَرِّد قال: دخل الأصمعي على الرَّشيد بعدَ غَيبَةٍ غابها فقالَ: كيفَ حالك يا أَصمَعِيُّ؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين ما ألاقتني أرضٌ. أي ما حبستني حتى خرجت عنها. فأمسكَ الرَّشيدُ. فلمَّا تفرَّق أهل المجلس قال له: ما معنى ألاقَتْني؟ قال: حبستني فقال الرَّشيد: لا تكلمني في مجلس العامَّة بما لا أعلمُ.
وتقولُ: أَلَقتُ الدَّواةَ فهي مُلاقَةٌ ولِقتُها فهي مَلِيقَةٌ إذا جمعتَ مِدادَها في صوفِها وقُطنِها.
وقولهم: "ما يليقُ هذا الأمرُ بصَفَرِي" أي: قلبي أي ما يُمسكه ويجتمع فيه وأنشدَ العامريُّ:
لعمرك إنَّ الحُبَّ يا أُمَّ مالكٍ ... بجسمي جزاني اللهُ منك لَلائقُ
ويًقالُ: لِقتُ الدَّواةَ وهي مَلِيقةٌ هذا إذا أصلحتَها وزدتَ في سَوادها فأما إذا لم تكن فيها لِيقةٌ فجعلتَ فيها لِيقةٌ فألَقتَهَا بالألف لا غير وإذا أمرتَ من ألقت قُلتَ: أَلِقْ دَواتَكَ بقطع الألف إلاقَةً وأنتَ مُلِيقٌ وإذا أمرتَ من قولك: "لقت" قلت: لِقِ الدَّواة ليقًا جيِّدًا وأنتَ لاقٍ وقد أَمَهتَ اللِّيقةَ أُمِيهُها إماهةً فأنا مُمِيهٌ لها إذا أكثرتَ ماءَها وقد ماهَت فهي تماهُ وتموهُ وهي مائِهةٌ إذا كثر ماؤها.
ويُقالُ: صُفتُ الدَّواةَ أصُوفُها صَوفًَا: إذا جعلتَ فيها ليقةً من صوف وكَرْسَفْتُها أُكَرسِفُها كرسفةً وكرسافًا إذا جعلتَ فيها لِيقة كُرْسُفٍ وهو القُطنُ.
المِداد
يُقالُ هو المِدادُ وهي المِدادُ لأنَّه جَمعُ مِدادةٍ وكلُّ جمعٍ ليس بينه وبين واحِدهِ إلاَّ الهاء فإنَّه يُذكَّر ويؤنث مثل غمامة وغمام وحمامة وحمام وشجرة وشجر.
ويُقالُ: مَدَدتُ الدَّواةَ أَمُدُّهَا مَدًَّا وهي دَواةٌ مُمَدَّةٌ إذا جعلتَ فيها مِدادًا فزدتَ فيها مدادًا آخرَ تَقولُ: أمددتُها إمدادًا فهي مُمَدَّةٌ وكلُّ شيء يَزِيد في شيءٍ بنفسه فإنَّهُ يُقالُ فيه: مَدَّهُ يَمُدُّهُ. قال الله تعالى: (والبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةُ أَبحُرٍ) .
فإن كانَ الشَّيءُ يزيد في الشَّيءِ بغيره فهو بالألف يُقالُ: أمددتُهُ بالرِّجالِ وبالمالِ. قال الله تعالى: (وأَمدَدنَاكُم بِأَموَالٍ وبَنِينَ) .
ويُقالُ لِما أُمِدَّ به السِّراج من الزيت: مِدادٌ وكلُّ شَيءٍ أمددتَ به شيئًا فهو مِدادٌ ومنه أٌخِذَ اسم المِدادِ وأنشدَ الأَخطَلُ:
رأَت بارقاتٍ بالأَكُفِّ كأنَّها ... مَصابِيحُ سُرْجٍ أُيِّدَت بِمِدَادِ
أي: بزيتٍ فسمَّاه مِدادًا لأن السِّراجَ يُمَدُّ به فهذا دليلٌ على ما قلناه.
وتَقولُ: استَمدِدْ من الدَّواة إذا أمرتَهُ أن يأخذَ على القلم مِدادًا واستمدد فلانًا إذا سألته أن يجعَلَ على قلمك مِدادًا فيقول: قد أمددتُك إمدادًا.
وتَقولُ: أَمِدَّني على قلمي مِدادًا وأَمِدَّني من دَوَاتِكَ أي: أمكِنِّي من مِدادها فأستمدَّ منه.
1 / 2