رسالة الغفران
الناشر
مطبعة (أمين هندية) بالموسكي (شارع المهدي بالأزبكية)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٢٥ هـ - ١٩٠٧ م
مكان النشر
مصر
مرّ به حديث أبي طلحة، أو أبي قتادة ومعناه أنهّ خاصم يهوديًّا إلى النبيّ صلّى الله وسلّم، وكان لأبي طلحة حديقة نخلٍ، وبينه وبين اليهوديّ خلفٌ في نخلةٍ واحدةٍ. فقال النبيُّ ﷺ، لليهوديّ: أتسمح له بالنخلة حتى أضمن لك نخلةً في لجنّة؟ ونعتها رسول الله ﷺ، بنعوت أشجار الجنّة. فقال اليهوديُّ: لا أبيع عاجلًا بآجل. فقال أبو طلحة: أتضمن لي يا رسول الله كما ضمنت له حتى أعطه الحديقة؟ فقال: نعم. فرضي أبو طلحة بذلك. وأخذ اليهوديّ وذهب إلى حديقته، فوجد فيها امرأته وأبناءه وهم يأكلون من جناها، فجعل يدخل إصبعه في أفواههم فيخرج ما فيها من التمر، فقالت امرأته: لِمَ تفعل هذا ببنيك؟ فقال: إنّي قد بعت الحديقة. فقالت: إن كنت بعتها بعاجلٍ فبئس ما فعلت! فقصَّ عليها الخبر، ففرحت بذلك.
ولو قيل لبعض عبَّاد هذا العصر: أعط لبنةً ذات قضَّةٍ، لتعطى في الآجلة لبنةً من فضَّة، لما أجاب. لو سئل أمةً عوراء، يعوَّض منها في الآخرة بحوراء، لما فعل. على أنّه من المصدِّقين، فكيف من غذي بالتكذيب، وجحد وقوع التّعذيب؟ وأمّا فاذوه فلقي طائر الحين، متكفيًا من بين جناحين، فلا إله إلاَّ الله، ما أعدَّ المهراس، ليفضح به الرأس، ولكن لكلِّ أجل كتابٌ، والشرُّ يبكر وينتاب. منته نفسه التّوبة، فكانت كصاحبة امرىء القيس لمّا قال لها:
منَّيتنا بغدٍ وبعد غدٍ ... حتى بخلت كأسوإ البخل
أبي الهذيل العلاف
ويحكى عن أبي الهذيل العلاَّف أنّه كان يمرُّ في الأسواق على حمارٍ ويقول: يا قوم احذروا توبة غلامي. وكان له غلامٌ يعد نفسه التّوبة، فسقطت عليه آجرةٌ
1 / 183