48

رسالة الألفة بين المسلمين

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

دار البشائر الإسلامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

حلب

الأمور المختارة، لأجل تأليف القلوب ودَفْع نَفْرتها(١) ولهذا نصَّ الإمامُ أحمد على أنه يجهر بالبسملة عند المُعارِض الراجح، فقال: يَجهَرُ بها إذا كان بالمدينة، قال القاضي(٢): لأن أهلَها إذ ذاك كانوا يَجهرون فيَجهَرُ بها للتأليف ليُعلِمَهم أنه يُقرَأ بها، وقال غيرُه بل لأنهم كانوا لا يقرؤونها بحال، فيَجْهَرُ بها ليُعلمهم أنه يقرأ بها وأنَّ قراءتها سُنَّة، كما جهر ابنُ عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة.

فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاتُه، وبهذا يزولُ الشُّك والطعنُ، فإنَّ الاتفاقَ إذا حَصَل على جواز الجميع وإجزائِهِ، عُلِمَ أنه داخل في المشروع، فالتنازعُ في الرُّجْحانِ لا يَضُرُّ، كالتنازع في رُجْحان بعض القراءات، وبعضٍ العبادات، وبعضِ العلماء، ونحوِ ذلك، بل قد أمَرَ النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كلاً من القُرَّاء أن يقرأ كما يَعلم، ونهاهم عن الاختلاف في ذلك، فمن خالف في ذلك كان ممن ذمَّه اللَّهُ ورسولُه. فأمَّا أهل الجماعة فلا يختلفون في ذلك.

بيان تعدُّد وجوه السُّنَّة في كثير من صفات العبادة

وشرحُ ذلك بالأمثلة

وأما الأصل الثاني فنقول: السُّنَّةُ المحفوظة عن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيها من السعة والخير ما يَزُولُ به الحرَج، وإنما وقعت الشبهة لإِشكال بعض ذلك على بعض الناس.

مشروعية الإيتار والشفع في الأذان والإقامة

أمّا الأذان فقد ثَبَت في الأحاديث الصحيحة أنَّ النبيّ صلَّى الله عليه

(١) وقع في الأصل (ودفعه لنفرفتها) وصوابُه: (ودفع نَّفْرتها).

(٢) هو في كتب السادة الحنابلة: القاضي أبو يعلى الفراء.

48