وجاؤوا بما يكثر ذكره، وقد كان هذا يذكر عن بعض قومنا، قبل أن يولد شعيب وصاحباه وآباؤهم، وقد سمع ذلك أشياخ المسلمين قبلهم ممن يروى عنهم، فلم [يسموهم] (¬1) بذلك مشركين، ولا حكموا عليهم بحكم المشركين، ولم يكن ذلك من رأي أحد من المسلمين في دار تقيتهم (¬2) ، ولا /24و./ ممن خرج منهم مجاهدا مظهرا لأمره (¬3) ، كان منه ما يقول هؤلاء النفر.
فلما رأوا ألا حجة لهم في شيء من ذلك، أقبلوا يقولون فيمن قال: «إن لله قبلا ودبرا، وإنه ينزل في قفص» (¬4) ، وما لا يستطيع أحد أن يلفظ به لسانه، لعظيم ما يجيئون به، مما لم نسمع به من أحد من أهل القبلة يصف به الرب، ولا من أحد من المشركين.
يقطعون على ضعفاء المسلمين بالمسائل ليقيموا به دعوتهم وكلامهم؛ وهذا كلام عظيم لا يجترئ عليه إلا جريء على الله، جاهل بعظمته.
[جمع الربيع للمسلمين في أمرهم]:
¬__________
(¬1) - طمس قدر كلمة في الأصل، لعله: يسموهم.
(¬2) - التقية: لغة هي الحذر والسترة والمخافة، واصطلاحا هي إظهار غير ما يعتقد المرء وقاية لنفسه من شر أو أذى يصيبه.
... ... انظر: *الكندي: بيان الشرع، ج6/ص129 *السعدي: قاموس الشريعة، ج13/ص167 *علقه جي: معجم لغة الفقهاء، ص142.
(¬3) - يخرج مجاهدا: يشير هنا إلى إمامة الدفاع، وهي من مسالك الدين الأربعة.
... ومظهرا: يعني بها إمامة الظهور، وهي أعلى مسالك الدين الأربعة. والمسلكان الآخران هما: الشراء دون الدفاع، والكتمان أدناها.
... ... انظر: *ابن جميع والشماخي والتلاتي: مقدمة التوحيد وشروحها، ص50-54 *علي يحي معمر: الإباضية في موكب التاريخ، ح1/ص93 *جهلان: الفكر السياسي، ص149-167.
(¬4) - لم أعثر على هذين القولين في كل المراجع التي بحثت فيها.
صفحة ٢٢