وأنشئت دور العلم وزودت بالكتب القيمة وأوقفت على العلماء ١ وشجع الخلفاء والأمراء العلم وطلابه وتباروا في إكرامهم والتحبب إليهم ٢ فكان الخليفة العباسي القادر بالله محبًا للعلم وأهله ٣.
وعلى الرغم من انقسام الدولة إلى دويلات، فقد كان العلماء يستطيعون الرحلة في طلب العلم من مكان إلى آخر دون قيود، وحيثما حلوا وجدوا الترحيب فالبلاد كلها باختلاف دويلاتها بلد للمسلم. مما سهل على علماء الحديث وغيرهم شد الرحال إلى أهل العلم للرواية عنهم والسماع منهم، كما فعل الإمام السجزي ﵀ الذي طوف البلاد فخرج من بلده سجستان طلبًا اللحديث وحل خراسان والشام ومصر إلى أن انتهى به المقام في مكة حرسها الله.
الحالة الدينية:
أما الحالة الدينية فقد كانت وليدة الحالة السياسية. وربما كان العكس صحيحًا أيضًا، فبينهما تلازم شديد بحيث تتأثر إحداهما بالأخرى.
فالإمامة والخلافة أمر ديني. ومن هنا نشأ الخلاف بين أهل السنة والشيعة فيمن يكون أحق بالإمامة.
لذا فقد ساءت الحالة الدينية كثيرًا نظرًا لتردي الوضع السياسي، واهتزاز مكانة الخليفة وسلطانه في أعين وقلوب الناس.
_________
١ البداية والنهاية ١١/٣١٢.
٢ ظهر الإسلام ٢/٢.
٣ انظر: البداية والنهاية ١٢/٣١.
1 / 36