163

كتاب الردة

محقق

يحيى الجبوري

الناشر

دار الغرب الإسلامي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

مكان النشر

بيروت

يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ نَاقَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَوَسَمَهَا وَسَرَّحَهَا مَعَ الإِبِلِ الَّتِي يُرِيدُ [أَنْ] يُوَجِّهَ بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ لِفَتًى مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيُّ [١] مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ، فَأَقْبَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ سَادَاتِ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ حارثة بن سراقة [٢]، فقال له: (يا ابن عَمٍّ، إِنَّ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ قَدْ أَخَذَ نَاقَةً لِي فَوَسَمَهَا وَجَعَلَهَا فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَأَنَا مَشْغُوفٌ بِهَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُكَلِّمَهُ فِيهَا فَلَعَلَّهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَأْخُذَ غَيْرَهَا مِنْ إبلي، فإني لست أمنع عَلَيْهِ) . قَالَ: فَأَقْبَلَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَقَالَ: (أَرَأَيْتَ أَنْ تَرُدَّ نَاقَةَ هَذَا الْفَتَى عَلَيْهِ وَتَأْخُذَ غَيْرَهَا فَعَلْتَ مُنَعَّمًا)، فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ: (إِنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا مِيسَمَ الصَّدَقَةِ وَلا أُحِبُّ أَنْ آخُذَ غَيْرَهَا)، فَغَضِبَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: (أَطْلِقْهَا وَأَنْتَ كَرِيمٌ، وَإِلا أَطْلِقْهَا وَأَنْتَ لَئِيمٌ)، قَالَ: فَغَضِبَ زِيَادٌ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: (لا أُطَلِّقُهَا حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا أَوْ يَمْنَعُهَا)، قَالَ: فَتَبَسَّمَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ وَجَعَلَ يَقُولُ [٣]: (مِنْ مَشْطُورِ السَّرِيعِ) ١- يَمْنَعُهَا شَيْخٌ بِخَدَّيْهِ الشَّيْبُ ... ٢- مُلَمَّعٌ كَمَا يَلْمَعُ الثَّوْبُ [٤]

[١] قوله: (زيد بن معاوية ... يقال له) خرجة من الحاشية. [٢] حارثة بن سراقة بن معديكرب بن وليعة بن شرحبيل الكندي، أحد رؤساء كندة، ارتد ومنع الزكاة وقاتل زياد بن لبيد البياضي عامل أبي بكر الصديق ﵁. (الطبري ٣/ ٣٣٢، كتاب الفتوح ١/ ٤٨- ٥٠، معجم البلدان: حضرموت) . [٣] الأشطار في تاريخ دمشق ٣/ ٦٣. والأشطار غير الرابع في كتاب الأوائل للعسكري ٢/ ٤٦ ومعجم البلدان (حضرموت) . والشطران: ١، ٢ في تاريخ الطبري ٣/ ٣٣٢، وكتاب الفتوح ١/ ٥٨، وتاريخ دمشق ٣/ ٧٢. والشطران: ١، ٣ في كتاب الأمثال- للقاسم بن سلام ص ١٠٧. [٤] الأوائل: (ملمعا فيه كتلميع الثوب) . تاريخ دمشق: (قد لمع الوجه كتلميع الثوب) .

1 / 170